كتاب شرح زروق على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)

مع أنه تعذيب للنفس وإجحاف بها وإضرار به لغير فائدة له في الحال ولا رجائها في المال وإن كان يحصل له بذلك ثواب أو لوالديه وأمرهم بالصوم، ربما يؤول إلى نقيض المقصود من النفرة والاستثقال لذلك واختلف في زمان التفريق في المضاجع فقال ابن القاسم وابن وهب في السبع وقال ابن حبيب في العشر وقياس الشيخ تعليمهم ما عسى أن يجب عليهم من غير الصلاة صحيح واضح الحكمة وهي قوله ليأتي عليهم البلوغ وقد تمكن ذلك من قلوبهم محبة واعتقاداً وسكنت إليه أنفسهم استراحة واستناداً وأنست بما يعملون به من ذلك جوارحهم رياضة واجتهاداً فتسهل عليهم العبادات وتتحقق عندهم الاعتقادات بلا تعب ولا مشقة والله أعلم.
(وقد فرض الله سبحانه وتعالى على العباد عملاً من الاعتقادات وعلى الجوارح الظاهرة عملاً من الطاعات).
يعني أن الذي يجب تعلمه هو ما فرض الله على عباده والذي فرض الله على عباده نوعان: عمل جوارحي واعتقاد قلبي فأعمال الجوارح ثلاثة: مالي وبدني وما تركب منهما والاعتقاد ثلاثة: إيمان وإخلاص ونية فالإيمان في الباب الأول والإخلاص في باب جمل من الفرائض والنية في آخر باب الوضوء ولكل أحكام تخصه وشروط يرجع إليها فيه فانظر ذلك وبالله التوفيق.
(وسأفصل لك ما شرطت لك ذكره باباً باب: ليقرب من فهم متعلميه إن شاء الله وإياه نستخير وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).
معنى أفضل آتي به مفصلاً أي قطعاً قطعاً فإن الفصل هو القطعة من الكلام، والتفصيل البسط والبيان الذي شرط ذكره هو الإتيان بما طلب منه من الجملة المختصرة بما احتوت عليه وما أضيف إليها والشرط قوله: فأجبتك إلى ذلك باباً باباً أي باباً بعد باب، قيل: والمراد ترجمة ترجمة لأن من القطع ما لم يترجمه بالباب كما يجب منه الوضوء على الصحيح والتيمم والمسح على الخفين ونحو ذلك وجملتها ثمانية وأربعون ترجمة منها بغير لفظ الباب نحو من ثمانية وباقيها مبوب، وعلى ذلك بتأولها بعضهم بقوله: باباً باباً إلى آخرها لا أكثر وقوله " إن شاء الله " تفويض ورجوع لعلم الله وامتثال لقوله تعالى: {وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ}

الصفحة 29