كتاب شرح زروق على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)
الحادثة صفة قديمة.
قال الأستاذ: أبو القاسم القشيري - رحمه الله - هذه الحكاية جمعت مسائل التوحيد أو كلاماً هذا معناه فانظره وظاهر كلام الشيخ أن الأسماء لا تؤخذ بالاشتقاق وإنما تؤخذ من كلام الله تعالى فبذلك يصح قدمها وقد اختلف العلماء في هذا الأصل فمذهب الجمهور أن الأسماء توقيفية خلافاً للمعتزلة وللقاضي من أهل السنة مثلهم وتوقف إمام الحرمين وفصل حجة الإسلام الغزالي لأن الخطر عظيم يعني من خوف الخطأ المؤدي إلى الإلحاد في أسمائه تعالى والذي ورد به الشرع تسعة وتسعون اسماً.
قال الحافظ بن شهاب الدين بن حجر: والتحقيق أن سردها مدرج من قول الصحابي أو غيره مع احتمال الرفع فمن رآها للتعبد قبل ذلك ومن رأى المسألة علمية لم يقبل غير ما ثبت بقاطع ثم من الأسماء والصفات ما يقال هي هو وهي أسماء الذات وصفاتها النفسية وما يقال هي غيره وهي صفات الأفعال كالخلق والرزق وما في معنى ذلك وما لا يقال هي هو ولا هي غيره ولا هي فيما بينهما أغيار بمعنى لا يصح ذلك أو يتوقف عنه وهي الصفات المعنوية وصفات المعاني عند أهل السنة قالوا والاسم غير الصفة لأنها معنوية وهو قولي والله أعلم.
(كلم موسى بكلامه الذي هو صفة ذاته لا خلق من خلقه وتجلى للجبل فصار دكا من جلاله).
ذكر في هذه الجملة أنه تعالى متكلم بكلام هو صفة له وأن موسى عليه السلام سمع ذلك الكلام وأنه مرئي الذات كما يليق بجلاله وأن القرآن شاهد بذلك ومثبت له وقد أجمع أهل الملل والمذاهب على أنه تعالى متكلم لأن الأنبياء أجمعوا عليه وقد ثبت صدقهم بالمعجزات من غير توقف على إخبار الله تعالى من صدقهم بطريق التكلم فلا يلزم الدور وإنما الخلاف في المراد بالكلام فذهب أهل الحق أن كلامه تعالى صفة قديمة قائمة بذات زائدة على ذاته كسائر صفاته المعنوية من العلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر خلافاً للمعتزلة في إثباتهم ذلك للذات من غير صفتها فكل ما أثبت أهل السنة أثبتوه وإنما نفوا كونه معنى زائداً على الذات فراراً من تعدد القديم ولما رأى أهل السنة أن نفي المعنى نقص وأن الصفة والموصوف غير متعددين في الخارج وإن تعلقت الزيادة
الصفحة 48
1196