كتاب شرح زروق على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)

لأن الصفة لا تعقل بغير ذات كما أن الذات من لوازم الصفة؛ لأنه معنى راجح إليها أثبتوها ثم الكلام عند أهل الحق صفة قائمة بنفس المتكلم تدل عليها العبارات وما يصطلح عليه من الإشارات قال الأشعري: فهو حقيقة في النفس مجاز في اللسان أحتج لذلك بقول الأخطل:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلاً
وجمهور المتأخرين على أنه حقيقة فيهما قال إمام الحرمين هو مجاز في النفس حقيقة في اللسان وقد قال تعالى: {وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ} [المجادلة: 8] فأثبت الكلام للنفس وقال عمر رضي الله عنه " زورت في نفسي مقالة أو كلاماً أقوله ".
وأجمع العقلاء على أن الآمر لعبده بشيء لا بد أن يجد من نفسه اقتضاءه أو طلباً يدل عليه فذلك هو كلامه النفسي ولا صوت ولا حرف فهو دال على ثبوت كلام لا صوت له ولا حرف كما نقوله في كلام ربنا غير أنا نمنع المماثلة والمشابهة جملة وتفصيلاً فتأمل ذلك وبالله التوفيق.
وقد قال تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [النساء: 164] قال علماؤنا فأكد بالمصدر ليرفع المجاز وأن تكليمه له حقيقة وقد قال بعضهم اجتمعت الأئمة سنيها وبدعيها على أن الله تعالى كلم موسى واختلف في الكيفية.
فقال أهل الظاهر نؤمن بالكلام ولا نتعرض للكيفية لأنه من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله وقال أهل الباطن خلق الله لموسى فهما في قلبه ولم يخلق له سماعاً لصوت ولا لغيره.
وقال أهل السنة خلق الله لموسى – عليه السلام – فهما في قلبه وسمعاً في أذنيه سمع به كلامه ليس بصوت ولا حرف كما يرونه في الآخرة بغير جهة ولا كيف سمعة بإذنه وفهمه بقلبه وعلم بضرورته أن المكلم له ربه.
قال ابن فورك وعلى هذا إجماع المسلمين قلت وفي بعض التقاييد أنه سمع ذلك بكل جهاته فراراً من الحصر المؤدي إلى الجهة وهو مراده بإثبات جهات ومذهب أهل الحق أن كون السامع في جهة لا يلزمه كون المسموع من جهة وكذلك القول في الرؤية وقد ذكر ذلك الشريف وغيره في شرح الإرشاد فانظره وعن الأشعري أن الله

الصفحة 49