كتاب شرح زروق على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)
وأكثر المتأخرين بحدوث الحروف والأصوات والكتابة الدالة عليه وامتنع أحمد بن حنبل من هذا الإطلاق فقيل له لفظي بالقرآن مخلوق فقال لا أقول ذلك، ولا يسمع مني التلفظ بالخلق مع ذكر القرآن حسماً للذريعة حتى لا يحتج به المبتدعة في القول بخلق القرآن وصبر على ما أوذي في الله لأجل امتناعه إذ سجن وضرب لأجل ذلك، ثم طرأت بعده فرقة ادعوا أن مذهبه قدم الحروف وغلوا في ذلك حتى قالوا إن جلد المصحف وعلاقته قديماً.
قال المحققون وكفى بهذا شاهد على جهلهم وكلامهم باطل بالضرورة فإن حصول كل حرف مشروط بانقضاء الآخر وقد رأيت تأليفاً للشيخ تقي الدين السبكي في الرد عليهم في ذلك وغيره مما نسبوه للإمام وهو بريء منه وحرر مقالته في ذلك وبين كونها كمذهب السلف دون ما يدعونه وقد حرر ذلك الشيخ أبو الحجاج في أرجوزته أتم تحرير فقال:
قراءة الخلق صفات لهم ... فواجب حدوثها مثلهم
وقوله المقروء من صفاته ... فواجب قدمه كذاته
وهو الذي سمعه الكليم ... وهو كلام ربنا القديم
ليس له شبه ولا مثال ... ولا له عن ذاته انتقال
وهذه الرسوم والأصوات ... دلائل عليه موضوعات
كما يدل الذكر والكتاب ... عليه جل الملك الوهاب
ثم القراءة ذوات غاية ... وليس للمقروء من نهاية
فنوعب القرآن بالكتاب ... وليس للمقروء من إيعاب
كما أتى في محكم القرآن ... في آخر الكهف وفي لقمان
يعني قوله تعالى: {قُل لَّوْ كَانَ البَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف: 109] الآية وقوله عز وجل {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ} [لقمان: 27] الآية ولم يزل السلف يطلقون القرآن ليس بمخلوق وإن لم يتعرضوا للفرق بين التلاوة المتلو وإن كان الفرق موجوداً حتى قال علي بن أبي طالب
الصفحة 51
1196