كتاب شرح زروق على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)
الحكم وتفاصيله ذكره صاحب التوشيح في التنبيه على الجامع الصحيح فالأشياء صادرة من قضاء الله أي حكمة جارية بتقديره.
(علم كل شيء قبل كونه فجرى على قدره).
يعني أن علمه سابق للمعلومات فما علم أنه يكون إرادة وما لا فلا خلافاً لمن يقول إنه لا يعلم الأشياء إلا بعد وجودها وهو مذهب قدماء القدرية ومنهم تبرأ عبد الله بن عمر المذكور في حديث القدر المذكور أول كتاب مسلم كذا قال عياض وقد قال الشيخ أبو العباس بن البناء في قوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ المُعَوِّقِينَ مِنكُمْ} [الأحزاب: 18] الرب تعالى أعلم ويعلم لأنه عليم لأنه عالم لأنه علم ويعلم انتهى.
وهو عجيب والحاصل أن الأشياء إنما تصدر عن علمه وإرادته وقدرته وقوله (لا يكون من عباده قول ولا عمل إلا وقد قضاه الله وسبق علمه به) يعني فالكل منه وإليه قال الإمام الفخر ومما يتمسك به في هذا الأصل إجماع السلف قبل ظهور أهل الأهواء على كلمة متلقاة بالقبول غير معدودة في المجملات وهو قولهم ما شاء الله كان ولم يشأ لم يكن وذكر الآية الواردة في ذلك ثم قال ولنا في العقل مسلكان أحدهما البناء على خلق الأفعال وقد بينا أن كل خلق فالله تعالى بارؤه وخالقه ثم يجب من ذلك أنه مريد لكل حادث أراد إيقاعه واختراعه.
الثاني: أن تقول اتفق مثبتو الخالق على تعاليه وتقدسه عن سمات النقص ووصف القصور ثم اتفق أرباب الألباب على أن نفوذ المشيئة أصدق آيات الملك والسلطان وأحق دلالات الكمال ونقيض ذلك نقيض دليل نقيضه قال فإذا زعمت المعتزلة إن معظم ما يجري من العباد فالرب تعالى كاره له وهو واقع على كراهته فقد قضوا بالقصور وهو محال في حقه سبحانه انتهى. فتأمله فإنه مليح.
(ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير).
استشهد بهذه الآية على أن علمه بالأشياء قبل وجودها وحال وجودها بعد وجودها والتقدير كيف لا يعلم الخالق خلقه قبل خلقه وحال خلقه وبعد ذلك في استمرار ووجوده (وهو اللطيف) أي الخفي عن الإدراك والموصل لعباده ما يريد بهم من حيث لا يشعرون إن ربي لطيف لما يشاء (والخبير) المختبر للأشياء أي المظهر لها
الصفحة 53
1196