كتاب شرح زروق على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)
على وفق علمه والذي عنده خبر كل شيء من جليل وحقير على التفصيل ولا يقال على الجملة قال القاضي في الهداية تعالى الله عن أن يوصف بأنه يعلم الأشياء جملة لأن العلم بالجملة جهل بالتفصيل فتعالى عن ذلك علواً كبيراً انتهى.
ونقله ابن خليل في شرح أرجوزة الضرير وقد رأيت الهداية في خزانة جامع القرويين من مدينة فاس وفي نحو أربعين جزءاً كل واحد أكبر من الرسالة وبالله التوفيق.
(يضل من يشاء فيخذله بعدله ويهدي من يشاء فيوفقه بفضله).
تقدم معنى هذه الألفاظ وهي ستة الضلال ويقابله الهداية: والخذلان ويقابله التوفيق والعدل ويقابله الفضل فالضلال التلف عن الحق والهداية الإرشاد والدلالة عليه والخذلان صرف والإعانة والتوفيق توجه الإعانة والعدل ما للمالك أن يفعله من غير منازع والفضل إعطاء الشيء على غير عوض ولا استحقاق وقد نطق القرآن بأنه يضل من يشاء ويهدي من يشاء من غير إسناد إلى سبب ولا علة.
(فكل ميسر بتيسيره إلى ما سبق من علمه وقدره من شقي أو سعيد).
يعني أن كل عبد مهيأ لما أعد له من شقاوة أو سعادة بتهيئة الله سبحانه وكل بقدرته وإرادته تعالى جار على وفق علمه في جميع الحركات والسكنات والخطرات والإرادات طاعة أو معصية نعمة أو بلية لا تخرج عن علمه وقدرته وإرادته لفتة ناظر ولا فلتة خاطر ولا يجري إلا بما سبق علمه به أسعد من يشاء لا بوسيلة سبقت وأبعد من شاء لا بجريمة تقدمت لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ولا تبديل لشقاوة ولا سعادة أزلية وإنما المحو والإثبات في جرائد الملائكة قال الله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39] يعني في المكتوب على عباده {وَعِندَهُ أُمُّ الكِتَابِ} [الرعد: 39] الذي لا يقبل التبديل بحال لا تبديل لكلمات الله.
وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله وكل بالرحم ملكاً يقول يا رب نطفة يا رب علقة يا رب مضغة فإذا أراد أن يقضي خلقه قال: ذكر أو أنثى شقي أو سعيد فيكتب في بطن أمه فإن العبد ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يبقى بينه وبينها إلا شبراً أو ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار وإن العبد ليعمل بعمل أهل النار حتى لا يبقى بينه وبينها إلا شبر
الصفحة 54
1196