كتاب شرح زروق على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)

ونقل عن الأشعري خلافه لحديث أربع نبيات أم موسى وأم عيسى وسارة امرأة إبراهيم وآسية امرأة فرعون وما نقل ابن حزم من أنهن سبع وتأوله الغزالي بأن قال إن ثبت فتأويله رفيعات القدر وذكر ابن القطان في مراتب الصحابة عن إمام الحرمين الإجماع أن مريم ليست نبية وهو محجوج بالخلاف المذكور وقال في كتاب " الأنوار وأكابر العلماء " على أن أربعة من الأنبياء أحياء الخضر إلياس في الأرض وعيسى وإدريس في السماء قال والجمهور على أن لقمان ليس نبياً وكذلك الإسكندري.
قلت: والخلاف في ذلك مشهور كالخلاف في الخضر فلا يلزم الجزم إلا بما أثبت الله لهم من الحكمة والتمكين في الأرض والاختصاص بالعلم اللدني ويفوض فيما وراء ذلك بالنبوة والرسالة بل والحياء ورسالة إلياس ثابتة بنص القرآن فلا يتوهم قصوره عن ذلك وإن اختلف في حياته وأفاد الشيخ بقوله لإقامة الحجة عليهم أنهم بعثوا لذلك ودليله قوله تعالى: {رُسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165].
وبيان ذلك في قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ} [المائدة: 19] وإنما تقوم الحجة بعد ثبوت صدقهم وصدقهم إنما ظهر بجريان المعجزة على أيديهم والمعجزة أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي مع عدم المعارضة قائم مقام قول الله صدق عبدي فاتبعوه.
ورأيت في الوسيلة للعقباني فيما أظن أن ما وقع من الخوارق قبل النبوة للنبي يسمى كرامة وبعدها ولم يتحد به يسمى آية وبعدها وتحدى به فهو المعجزة قال في كتاب جمع الجوامع هو الدعوى وفي الشفاء لعياض أنه معنى قوله لا يأتي به غيري وقد ذكر العلماء شروط المعجزة وأنهاها الغزالي في كتاب منهاج العابد إلى عشرة فانظر ذلك فإنه يطول قالوا ولا يكفي مجرد الخارق ولو كملت شروطه بل لا بد من ظهور مكارم الأخلاق وظهور الاستقامة.
وأدلة البشرى مع ذلك وبذلك يفرق بين السحر والكرامة حتى قال الشيخ أبو العباس بن البناء رحمه الله خرق العادة كرامة للمتبع واستدراج للمبتدع يفرق بينهما التوفيق في سلوك الطريق انتهى.

الصفحة 58