كتاب شرح زروق على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)

وقد ذكر في كلامه هذا فرق بين الكرامة وغيرها فكيف بالنبوة والله أعلم.
(ثم ختم الرسالة والنذارة والنبوة بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم).
الختم والطبع والتمام والنهاية والتغطية على الشيء حتى لا يدخله غيره عند انتهائه والرسالة السفارة بين الله وعباده بوحيه لتقرير أحكامه ونحوها وقد تقدمت حقيقة النبي والرسول فأغنى عن الإعادة وفي الفرق بين النبي والرسول على وجه التحرير والدلالة كلام يطول والنبي مهموز وقد تبدل همزته ياء قيل وهو من النبأ أي الخبر لأنه المخبر عن الله بما تحقق عنده من وحيه أو كلامه وهو المبخر عن الله بواسطة الملك كذلك.
وقيل هو من النبوة التي هي ما ارتفع عن الأرض لأنه المرتفع على أبناء جنسه وكل صحيح في حقه عليه الصلاة والسلام لأنه محا الأخبار عن الله كما ذكر والمرتفع على خلقه برفعته له سبحانه وقد تقدم أنه إنسان أوحى إليه بشرع فخرج بقولهم إنسان الملك إذ لا يسمى نبياً وإن أوحي إليه وقوله بشرع احتراز ممن لم يوح إليه بشرع وإن كان قد أوحي إليه إلا بشرع.
وقد ذكر الحليمي والنسفي في تفسيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبعث للملائكة وادعيا الإجماع على ذلك ذكر الزركشي اختلافاً في أفضلية النبوة على الرسالة أو العكس وسيأتي إن شاء الله وإنما ذكر الله سبحانه في كتابه خاتم النبوة فقال ولكن رسول الله وخاتم النبيين لأنه يلزم من ختم النبوة ختم الرسالة ولا ينعكس لأن الرسالة أخص من النبوة ويلزم من رفع الأعم رفع الأخص كما يلزم من ثبوت الأخص ثبوت الأعم ولا ينعكس فافهم وتأمل ذلك.
والنذارة الإعلام بمخوف وهو عذاب الله عند المخالفة لأمره ثم النذارة من خواص أهل الحق والظاهرين به بخلاف البشارة فإنه قد يأتي بها غيرهم وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ} [المدثر: 1، 2] ففاتحه في أول خطابه بالأمر بالإنذار لأنه قائم من بساط الحقيقة فظهر بالسطوة والصولة لأن ما جاء به حق لا حيلة فيه ولأنه لا يبشر إلا مطيع ولا مطيع إذ ذاك حتى إذا ظهر الفريقان ظهر بالبشارة فكان بشيراً ونذيراً.
وقد أشار إلى ذلك الشيخ بقوله:

الصفحة 59