كتاب شرح زروق على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)

قال: {هَذَا بَلاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [إبراهيم: 52] وقال عز وعلا: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَ يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 41، 42].
وقال تعالى: {لَتَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشعراء: 192، 195] فهو من عند الله أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيداً محكم الآيات في وضعها وتناسبها ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً لكن لا اختلاف فيه ألبتة فهو من عند الله قال المقترح ومعنى كونه منزلاً أنه نزل به الملك وليس المعنى في نزول الملك أنه انتقل بانتقاله لأنه محال فإن الانتقال محال على المعاني كلها قديمها وحديثها فلا بد من إزالة هذا المحمل المحال وإن تعين محمل عمل عليه وإلا وكلنا ذلك إلى الله قال وشاهد هذه الإطلاقات المشار إليها وأن القرآن كلام الله مكتوب في المصاحف مقروء بالألسنة مسموع بالآذان محفوظ في الصدور منزل من عند الله ورود النص بها نحو قوله تعالى {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ} [العنكبوت: 49] وقوله: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] وقوله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} وقوله: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} [الشعراء: 193] انتهى.
وذكر الشيخ الصالح الولي أبو مدين رضي الله عنه في شرحه لعقيدة الإمام الغزالي في كونه نزل على قلبه جملة ثم منع النطق به إلى نزوله نجوماً قولين فذكرت ذلك لشيخنا أبي عبد الله السنوسي نزيل تلمسان فقال ليس في هذا ما ينكر لأنه أمر جائز لا يدفعه معارض هذا معنى كلامه غير أنه نقل غريب لم أقف عليه لغير هذا الشيخ وقوله وشرح به وهدى يعني بمحمد صلى الله عليه وسلم ويحتمل بالقرآن لكن الأول أولى لقوله في الحديث ليقيم به الملة العوجاء.
قال البخاري هي ما كانت عليه العرب من ملة إبراهيم يعني فيما يزعمون وليس منها وقال مولانا جلت قدرته: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلاَ إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ} [الشورى: 52، 53] وورد نحو ذلك في القرآن مثل قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}

الصفحة 61