كتاب شرح زروق على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)

[الإسراء: 9]، وقوله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: 153] على أن هذه تحتمل أن تكون مشاراً بها لجملة ما جاء به صلوات الله وسلامه عليه ومعنى شرح أوضح وبين وإضافة الدين إلى الله إضافة تشريف واختيار إن الدين عند الله الإسلام والقويم والمستقيم بمعنى أي الذي لا أعوجاج فيه والصراط الطريق ومعنى هدى هنا أرشد وقد قال القاضي أبو بكر الباقلاني وهما صراطان صراط في الدنيا معنوي وصراط في الآخرة حسي فمن مشى في الدنيا على المعنوي مشى في الآخرة على الحسي وبالله التوفيق.
(وأن الساعة آتية لا ريب فيها).
الساعة عبارة عن فراغ أيام الدنيا وانقراضها سميت بذلك لقرب أمرها وسرعته قال الله تعالى: {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ البَصَرِ} [النحل: 77] وهو أقرب ومعنى آتية أي جائية {لاَ رَيْبَ فِيهَا} [الكهف: 21] لا شك فيها يعني لا يمكن الشك لتحقق أمرها إذ قد جاء بالخير الصادق فلا يصح الشك فيه وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقربها وذكر علاماتها الصغرى والكبرى كطلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة وفتح ردم يأجوج ومأجوج ونزول عيسى عليه السلام وخروج الدجال فهذه خمسة كبرى متفق عليها وعد بعضهم الصغرى سبعين وقد ظهر جلها أو كلها فانظر ذلك ولا تعتمد فيه إلا ما صح سنة أو قرآناً قال شيخنا أبو عبد الله القوري رحمه الله حاكياً عن سيدي أبي عبد الله الفلالي الصحيح أن لا يعرف حد الدنيا متى ولكن يجزم بالقرب خاصة والله أعلم.
وقال الشيخ ناصر الدين يجوز أن يكون المعنى آتية على جميع أمور الدنيا قال وقيل الريب الشك والصواب الريب مصدر رابني وحقيقته قلق النفس واضطرابها وفي الحديث «دع ما يريبك فإن الصدق طمأنينة والشك ريبة ??» والله أعلم.
(وإن الله يبعث من يموت كما بداهم يعودون).
يعني أن حشر الأجساد حق ثابت لإخبار الصادق به مع ثبوت جوازه عقلاً وقد قال تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي القُبُورِ} [الحج: 7] فعدل الشيخ عن ذكر القبور بياناً للمقصد إذ قالوا ذكر القبور خرج للغالب فلا مفهوم له وإن من غرق في البحار ومن أكلته السباع وغيرهم يبعثون كبعث أهل القبور فالمعاد جسماني حق وجاحده

الصفحة 62