كتاب شرح زروق على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)
الزكاة ويأس الرحمة وأمن المكر والظهار ولحم الخنزير والميتة وفطر رمضان والغلول والمحاربة والسحر والربا وإدمان الصغيرة انتهى.
وقد ذكر ابن العربي وغيره الإجماع على أن الكبيرة لا يكفرها إلا التوبة وظواهر الأحاديث تقتضي خلاف ذلك ولا سيما حديث «إن الله غفر لأهل عرفات وضمن عنهم التبعات» وهو حديث صححي وجملة العلماء على أن المخصوص بهذا الأمر الخاص فانظر ذلك وأما غفران الصغائر باجتناب الكبائر فلقوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً} [النساء: 31] وقال سبحانه وتعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ} [النجم: 32] والمغفرة الستر على الذنوب وعدم المؤاخذة بها وسيأتي مزيد فيه إن شاء الله.
وقال علماؤنا فاجتناب الكبيرة مكفر للصغيرة وهل قطعا وهو مذهب الفقهاء والمحدثين أو ظنا وهو مذهب الأصوليين قالوا لو قطع بتكفيرها لكان إباحة إذ لا تباعة فيه ورد بوقوع المؤاخذة فيه بوجه ما وهو إذا لم تجتنب قال بعض علماؤنا وغالب الصغائر إنما هي مقدمات للكبائر فإذا جاهد نفسه وعصمه الله باجتناب الآخر غفر له وإلا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فالعين تزني وزناها النظر والفم يزني وزناه القبلة واليد تزني وزناها اللمس والقلب يتمنى أو يشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه» أخرجه أهل الصحيح وقد تكون الصغيرة غير مقدمة أو الصغيرة مكررة غير مجتنبة فيكفرها وقوع عبادة موعود به فيها كقوله: «صلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما والجمعة إلى الجمعة والعمرة إلى العمرة ما اجتنبت الكبائر» كما صح قوله صلى الله عليه وسلم للذي قال أصبت من امرأة قبلت أصليت معنا؟ قال نعم، قال: «إن الحسنات يذهبن السيئات» فتأمل ذلك وانظر كلام العلماء في الآيات والأحاديث فإنك لا تحقق ذلك إلا منها فانظره وبالله التوفيق.
وقوله (وجعل من لم يتب من الكبائر صائراً إلى مشيئته) يعني في الصغائر
الصفحة 65
1196