كتاب شرح زروق على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)

أو لأنه قصد لما ذكر في الحديث وهو الظاهر والله أعلم قالوا التقدير من يعمل مثقال ذرة من خير يره خيراً ومن يعمل مثقال ذرة من شر يره شراً فثواب كل عمل من جنسه سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم.
(ويخرج منها بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم من شفع له من أهل الكبائر من أمته).
لا خلاف بين أهل السنة أن الشفاعة ثابتة لمحمد صلى الله عليه وسلم في عصاة أمته من أهل الكبائر والصغائر وغيرهم وقالت المعتزلة هي خاصة بالمطيعين في زيادة الثواب لا لأهل المعصية لدرء العقاب ودليلنا قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19] وطلب المغفرة شفاعة قوله عز وجل للكفرة {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48] وقوله عليه السلام: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» الحديث.
قال النووي في الروضة لرسول الله صلى الله عليه وسلم شفاعات خمس، الأولى: الشفاعة العظمى في الفصل بين أهل الموقف حين يفزعون إليه بعد الأنبياء كما ثبت في الحديث الصحيح، والثانية: في جماعة فيدخلون الجنة بغير حساب، الثالثة: في جماعة استحقوا النار أن لا يدخلوها، الرابعة: في جماعة دخلوا النار أن يخرجوا منها، والخامسة: في رفع درجات الناس في الجنة وزاد القاضي أبو بكر شفاعته في التخفيف عن أبي طالب وزاد غيره شفاعته بثقل موازين أقوام عند وزن أعمالهم فهذه سبعة كلها خاصة به صلى الله عليه وسلم وقيل الخاص بعضها فقط وهي الأولى إجماعاً وغيرها محتمل لدخول غيره فيها ولعدمه وصحت شفاعته لمن جاء زائراً ولمن يموت بالمدينة ولمن صبر على شدتها ولمن أجاب المؤذن ثم سأل له الوسيلة.
وذكر النووي أن العشرة خاصة به والشفاعة في الخروج من النار تقع من الأنبياء والملائكة والأولياء والشهداء وغيرهم ممن ذكر في الأحاديث ونقل عن النووي والشيخ أبي محمد لا شفاعة إلا له صلى الله عليه وسلم وهو ظاهر كلامه هنا والأحاديث تدل على خلافه.
(وإن الله تعالى خلق الجنة فأعدها دار خلود لأوليائه وأكرمهم فيها بالنظر إلى وجهه الكريم).

الصفحة 68