كتاب شرح زروق على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)

وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران: 185] الآية فتأمل ذلك وقد اختصر الشيخ على أحد قسمي أهل الوزن وهم السعداء لأنه يدل على الآخر وهو من خفت موازينه واختلف في وزن أعمال الكفار لتعارض الأدلة فيهم إذ قال تعالى: {فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْناً} [الكهف: 105] وقال {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون: 103] ولا خلود إلا لكافر ولا تظهر الخفة إلا مع الوزن.
فتؤول بأن إقامة الوزن نفعه وقيل رجحانه بمقابله أو ظهور أثره فيما يوزن وقيل غير ذلك وحكى الغزالي كفتي الميزان في العظم كأطباق السموات توضع الحسنات في كفة النور على هيئة حسنة وتوضع السيئات في كفة الظلمة على خلاف ذلك قال والصنج يومئذ مثاقيل الذر والخردل تحقيقاً لتمام العدل انتهى بالمعنى المحاذي للفظه.
(ويؤتون صحائفهم بأعمالهم).
يؤتون يعطون وصحائفهم كتبهم المكتوبة فيها أعمالهم قبل الوزن ثم توزن صحائف الحسنات وصحائف السيئات ويحتمل أن تكون بعد الوزن هل المكتوبة عليهم في الدنيا أو يكتبونها في القبر أو يكتبها العبد في قبره كان كاتباً أو ليس بمكاتب كل ذلك محتمل جائز ولم يرد به قاطع فالصواب الوقف بعد الإيمان بإيتاء الصحف.
(فمن أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً ومن أوتي كتابه وراء ظهره فأولئك يصلون سعيراً).
يعني كما جاء القرآن بذلك ومعنى أوتي أعطي وكتابه مكتوبه الذي فيه أعماله واليمين معلومة وظاهر الأمر أن الكتاب مدفوع إليهم من أيدي الملائكة وقيل تهب ريح من تحت العرش فتلقي لكل إنسان كتابه فيأخذه المؤمن بيمينه ويأخذه الكافر بشماله ثم يجعل يده خلف ظهره ويكلف بأن يقرأه في هذه الحالة زيادة في عذابه والعياذ بالله والحساب اليسير هو السهل اللين ولا خلاف إن المؤمن المطيع يؤتي كتابه بيمينه والكافر بشماله وفي العاصي قولان والأكثر أنه كالمطيع قال في رسالة التنبيه لأبي الحجاج الضرير رحمه الله.
والمذنب الفاسق ذو الإيمان ... من آخذي الكتاب بالإيمان
وقيل إن حكمه موقوف ولم يرد في أمره توقيف ومعنى {وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً}

الصفحة 75