كتاب شرح زروق على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)

يعني فيهم في النجاة من السقوط في النار متفاوتون في سرعة النجاة عليه من نار جهنم، فمنهم من يجوزه كالبرق ومنهم من يجوزه كالريح المرسلة ومنهم كالخيل السابقة ومنهم من يجري جريا ومنهم من يمشي مشياً ومنهم من يمشي مرة ويكبو أخرى فهؤلاء أقسام الناجين وقسيمهم الهالكون ولا تقسيم فيهم.
وقد يفهم ذلك وأنهم على حسب جرمهم وهم المرادون بقوله أوبقتهم فيها أعمالهم أي حصلتهم فيها أعمالهم فلا مخلص لهم منها إلى الأبد إن كانوا كافرين وإلى مدة نفوذ الوعيد إن كانوا مؤمنين والله أعلم.
(والإيمان بحوض رسول الله صلى الله عليه وسلم ترده أمته لا يظمأ من شرب منه أبداً ويزاد عنه من بدل وغير).
هذا معطوف على قوله (والإيمان بالقدر) كما أن ذلك معطوف على قوله (من ذلك الإيمان بالقلب والنطق باللسان والإيمان بالحوض حوض محمد صلى الله عليه وسلم) لدلالة الأحاديث عليه وقد ورد في الصحيح «أن ماءه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً» وفي الحديث أيضاً «عرضه مسيرة شهر عليه كيزان» وفي رواية «أباريق على عدد نجوم السماء فيه ميزابان يصبان من الجنة» وفي رواية «من الكوثر» قيل وذلك دليل أن الحوض بعد الصراط والخلاف في ذلك شهير لا يحتاج إلى تقرير والحاصل أن ليس في المسألة قاطع يرجع إليه فالواجب اعتقاد ثبوت الحوض والصراط والله أعلم بالمتقدم.
كما قال شيخ شيوخنا الشيخ أبو عبد الله محمد العكرمي رحمه الله في عقيدته إذ قال عند ذكر الحوض والصراط مقدماً يكون أو يتأخر وجزم الغزالي بتأخر الحوض والله أعلم بالأمر وقوله (لا يظمأ) هو بفتح أوله والهمزة آخره والظاء المشالة (لا يعطش من شرب منه) يعني بعد شربه ولو شربة واحدة كذلك ورد في الخبر.
ومعنى (يذاد) بذال معجمة أولاً ثم مهملة بينهما ألف يطرد عنه فلا يشرب منه.
من بدل وغير يعني بالكفر والابتداع لا بالعصيان المجرد لأنه ليس بتبديل ولا تغيير وإن كان مخالفاً للمطلوب.
وأصل المسالة قوله صلى الله عليه وسلم «ليذادن عن حوضي أقوام كما يذاد البعير» وقوله صلى الله عليه وسلم

الصفحة 77