كتاب إثبات علو الله ومباينته لخلقه والرد على من زعم أن معية الله للخلق ذاتية

عمومًا بعلمه، ومع أنبيائه وأوليائه بالنصر والتأييد والكفاية، وهو أيضًا قريب مُجيب، ففي آية النجوى دلالة على أنه عالم بهم، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((اللهم أنت الصاحبُ في السفر والخليفة في الأهل))، فهو سبحانه مع المسافر في سفره، ومع أهله في وطنه، ولا يلزم من هذا أنْ تكونَ ذاته مُختلطة بذواتِهم - إلى أن قال: فالله - تعالى - عالم بعباده، وهو معهم أينما كانوا، وعلمه بهم من لوازم المعية؛ انتهى.
وفي قوله: إنَّ الله - تعالى - فوق سمواته، وأنه على عرشه بائن من خلقه، وهم منه بائنون، وأنه مع العباد عمومًا بعلمه، ومع أنبيائه وأوليائه بالنصر والتأييد والكفاية - أبلغُ رد على من زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية، وكذلك قوله: إنَّ في آية النجوى دلالة على أنه عالم بهم فيه أيضًا رد عليه.
وأما المعية المذكورة في قوله: فهو مع المسافر في سفره، ومع أهله في وطنه - فهي معية الاطلاع والحفظ والكفاية، وليست معية ذاتية كما قد توهَّم ذلك المردود عليه، وقد أوضح ذلك شيخُ الإسلام بقوله: ولا يلزم من هذا أن تكون ذاته مُختلطة بذواتِهم، ومن تأمل كلام شيخ الإسلام في المعية، وجده يدور على أنَّها معية العلم والإحاطة والاطِّلاع والسماع والرُّؤية لعموم الخلق، وأنَّ لله

الصفحة 131