كتاب إثبات علو الله ومباينته لخلقه والرد على من زعم أن معية الله للخلق ذاتية

الجملة الرابعة من الجمل التي تعلق بها المردود عليه: قولُ ابن القيم في "مختصر الصواعق"، المثال التاسع مما ادُّعِيَ فيه المجاز قوله - تعالى -: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4]، وذكر آيات فيها المعية، ثم قال: قالت المجازية: هذا كله مَجاز يَمتنع حمله على الحقيقة؛ إذ حقيقة المخالطة والمجاورة وهي منتفية قطعًا، فإذًا معناه العلم والقُدرة والإحاطة، ومعية النصر والتأييد والمعونة، وكذلك القُرب، قال أصحابُ الحقيقة: والجواب عن ذلك من وجوه - إلى أن قال: الوجه الرابع أنَّه ليس ظاهر اللفظ ولا حقيقته أنَّه مُختلط بالمخلوقات مُمتزج بها - إلى أن قال: وغاية ما تدل عليه "مع" المصاحبة والموافقة والمقارنة في أمر من الأمور، وذا الاقتران في كل موضع بحسبه يلزمُه لوازم بحسب مُتعلقه، فإذا قيل: الله مع خلقه بطريق العموم، كان من لوازم ذلك علمه بهم، وتدبيره لهم وقدرته عليهم، وإذا كان ذلك خاصًّا، كقوله: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128]، كان من لازم ذلك معيته لهم بالنصر والتأييد والمعونة؛ قال: وقد أخبر الله - تعالى - أنَّه مع خلقه مع كونه مستويًا على عرشه - إلى أن قال: فعُلُوُّه لا يناقض معيته، ومعيته لا تبطل علوه، ثم تكلم على قرب الله - تعالى - وقال: فهو قريب من المحسنين بذاتِه ورحمته قربًا

الصفحة 134