كتاب إثبات علو الله ومباينته لخلقه والرد على من زعم أن معية الله للخلق ذاتية

الأجلاء إشارة، بل في بعضه تصريح بأنَّ تفسير معية الله - تعالى - لخلقه بعلمه تفسيرٌ بلازمها أو حُكمها ومُقتضاها، كما في كلام شيخِ الإسلام ابن تيمية، واللازم غير الملزوم، والمقتضى غير المقتضي، فلهذا قال شيخ الإسلام: ففرق بين معنى المعية ومقتضاها، وربَّما صار مقتضاها من معناها، ووجه ذلك أنَّ دلالة اللفظ على مدلوله تارة تكون بالمطابقة، وتارة بالتضمن، وتارة بالالتزام، فدلالة المعية على العلم من دلالة الملزوم على اللازم، كما نص عليه شيخُ الإسلام ابن تيمية، ولهذا قال: وعلمه بهم من لوازم المعية، ومن للتبعيض؛ وذلك لأنَّ العلمَ ليس وحدَه لازم المعية، بل لها لوازم أخرى، كالاطلاع والسَّمع والرقابة والهيمنة والقدرة والسُّلطان، وغير ذلك مما تقتضيه المعية، وقد مثل بهذه اللوازم الزائدة على العلم شيخُ الإسلام وابن القيم وابنُ كثير وابن رجب - رحمهم الله تعالى - وأشار إلى مثل ذلك الشيخ الشنقيطي؛ حيثُ قال: وأمَّا المعية العامة لجميع الخلق، فهي بالإحاطة التامة والعلم ونفوذ القدرة، وكون الجميع في قبضته، فدَلَّ ذلك على أن تفسير السلف لها بالعلم تفسير ببعض لوازمها، وليس وحدَه هو معناها، وأن مَقصودهم بذلك خوف توهم حلول الباري - جل وعلا - في أماكننا في الأرض، أو دفع دعوى من ادَّعى ذلك من الحلولية الجهمية، وقد

الصفحة 141