كتاب إثبات علو الله ومباينته لخلقه والرد على من زعم أن معية الله للخلق ذاتية

مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4]، وقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] إلى قوله: {إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: 7]، وما ذكره من الإجماع على أنَّ المراد بالآية معية العلم، قال: وسمعه أيضًا مع علمه بهم وبصره نافذ فيهم؛ انتهى، وفيه أبلغُ ردٍّ على مَن زَعَمَ أنَّ معية الله لخلقه معية ذاتية.
وقال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي في تفسير قوله - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128]، هذه المعية خاصَّة بعباده المؤمنين، وهي بالإعانة والنصر والتوفيق، وأمَّا المعية العامة لجميع الخلق، فهي بالإحاطة التامة والعلم ونفوذ القدرة، وكون الجميع في قبضته - جل وعلا - فالكائنات في يده - جلَّ وعلا - أصغرُ من حبة خردل، وهذه هي المذكورة أيضًا في آيات كثيرة، كقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} [المجادلة: 7] الآية، وقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] الآية، وقوله: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف: 7]، وقوله: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا

الصفحة 145