كتاب إثبات علو الله ومباينته لخلقه والرد على من زعم أن معية الله للخلق ذاتية
العُلوِّ المطلق، وهو يشمل عُلُوَّ القدر، وعلو القهر، وعلو الذَّات، ولا يَخفى على من له عقل وعلم أنَّ صفة علو الذات تنافي المعية الذاتية للخلق أعظم المنافع.
ومما يُرَدُّ به عليه أيضًا قول الله - تعالى -: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} [الملك: 16 - 17]؛ قال البيهقي في كتاب "الأسماء والصِّفات" في الكلام على قوله: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء} [الملك: 16]: "أراد من فوق السَّماء، كما قال: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71]، بمعنى: على جذوع النخل، وقال: {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ} [التوبة: 2]؛ أي: على الأرض، وكل ما علا فهو سماء، والعرش أعلى السموات، فمعنى الآية: أأمنتم من على العرش، كما صرَّح به في سائر الآيات.
قال: وفيما كتبنا من الآيات دلالةٌ على إبطال قول من زَعَم من الجهميَّة أنَّ الله بذاته في كلِّ مكان، وقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [الحديد: 4]، إنَّما أراد بعلمه، لا بذاته انتهى.
وقد نقله عنه شيخُ الإسلام أبو العباس ابن تيمية في القاعدة
الصفحة 15
173