كتاب إثبات علو الله ومباينته لخلقه والرد على من زعم أن معية الله للخلق ذاتية

مكان، فهو كافر أو ضالٌّ إن اعتقده، وكاذب إنْ نسبه إلى غيره من سلف الأُمَّة أو أئمتها.
فعقيدتنا أنَّ لله - تعالى - معية ذاتية تليقُ به، وتقتضي إحاطته بكل شيء علمًا وقدرة، وسمعًا وبصرًا وسلطانًا وتدبيرًا، وأنه - سبحانه - مُنَزَّه أن يكون مختلطًا بالخلق، أو حالاًّ في أمكنتهم، بل هو العَلِيُّ بذاته وصفاته، وعلوه من صفاته الذاتيَّة التي لا ينفك عنها، وأنه مستوٍ على عرشه كما يليق بجلاله، وأنَّ ذلك لا ينافي مَعيَّته، ثم صرح أنه قال ذلك مُقررًا له، ومعتقدًا له، ومنشرحًا له صدره.
وأقول: لا يَخفى على من له علم وفهم ما في كلام الكاتب من التناقُض، والجمع بين النقيضين، ومُوافقة من يقول بالحلوليَّة: إنَّ الله بذاته فوق العالم، وهو بذاته في كل مكان، وما فيه أيضًا من مُخالفة الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها.
فأمَّا التناقض، ففي تقريره لمعية الله الذاتية لخلقه مع زعمه أنَّ هذه المعية الذاتية لا تقتضي الاختلاطَ بالخلق، ولا الحلول في أماكنهم، ولا يَخفى على عاقلٍ أنَّ المعية الذاتية للخلق تستلزم مُخالطتَهم والحلول في أماكنهم، وعلى هذا فمن أثبت المعية الذاتيةَ

الصفحة 8