كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار
ذلك فلتراجع (¬1) ففيها أبلغ رد على كل من قال بجواز ربا الفضل، وقد قال الطحاوي في كتابه (شرح معاني الآثار): "جاءت السنة بتحريم الربا في التفاضل في الذهب بالذهب والفضة بالفضة وسائر الأشياء المكيلات والموزونات على ما ذكره عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان ذلك ربا حرم بالسنة وتواترت به الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قامت بها الحجة" ثم إن الطحاوي أورد أحاديث كثيرة مما جاء في النهي عن ربا الفضل. وقد تقدم ذكرها مع الأحاديث الدالة على تحريم الربا وقال بعد إيرادها: "فثبت بهذه الآثار المتواترة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع الفضة بالفضة والذهب بالذهب متفاضلا وكذلك سائر الأشياء المكيلات التي قد ذكرت في هذه الآثار التي رويناها فالعمل بها أولى من العمل بحديث أسامة، ثم هذا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بعده قد ذهبوا في ذلك إلى ما تواترت به الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضا"، ثم روي بإسناد صحيح عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: خطب عمر فقال: «لا يشتري أحدكم دينارًا بدينارين ولا درهما بدرهمين ولا قفيزا بقفيزين إني أخشى عليكم الرماء (¬2) وإني لا أوتى بأحد فعله إلا أوجعته عقوبة في نفسه وماله».
قال الطحاوي: "فهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يخطب بهذا على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحضرة أصحابه -رضوان الله عليهم- لا ينكره عليه منهم منكر فدل ذلك على موافقتهم له عليه"، ثم قد روي في ذلك أيضا عن أبي بكر وعلي وغيرهما من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يوافق ذلك أيضا، ثم روى بإسناد صحيح عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص قال: كتب أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- إلى أمراء الأجناد حين قدموا الشام: «أما بعد فإنكم قد هبطتم أرض الربا فلا تتبايعوا الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن ولا الورق بالورق إلا وزنا بوزن ولا الطعام بالطعام إلا كيلا بكيل» قال أبو قيس: قرأت كتابه.
وروى الطحاوي أيضًا بإسناد صحيح عن أبي صالح السمان قال: كنت جالسا عند علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فأتاه رجل فقال: يكون عندي الدراهم فلا تنفق عني في حاجتي فأشتري بها دراهم تجوز عني وأخصم فيها، قال: فقال علي -رضي الله عنه-: «اشتر بدراهمك ذهبًا ثم اشتر بذهبك ورقا ثم أنفقها فيما شئت».
¬__________
(¬1) ص29 - 39.
(¬2) الرماء هو الربا وقد تقدم تفسيره في صفحة 91 فليراجع.
الصفحة 101
204