كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار
وروى أيضا بإسناد حسن عن شريح عن عمر -رضي الله عنه- قال: «الدرهم بالدرهم فضل ما بينهما ربا» وروي أيضا بإسناد صحيح عن سالم بن عبد الله بن عمر قال كان عمر وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ينهيان عن بيع الدرهمين بالدرهم يدًا بيد ويقولان: «الدرهم بالدرهم والدينار بالدينار» وروى أيضا بإسناد حسن عن أبي رافع قال: مرَّ بي عمر بن الخطاب ومعه ورق فقال: «اصنع لنا أوضاحا لصبي لنا» فقلت: يا أمير المؤمنين: عندي أوضاح معمولة فإن شئت أخذت الورق وأخذت الأوضاح، فقال عمر -رضي الله عنه-: «مثلا بمثل» فقلت: نعم فوضع الورق في كفة الميزان والأوضاح في الكفة الأخرى فلما استوى الميزان أخذ بإحدى يديه وأعطى بالأخرى، وروى أيضا بإسناد حسن عن علي بن رباح اللخمي قال: كنا في غزاة مع فضالة بن عبيد -رضي الله عنه- فسألته عن بيع الذهب فقال: «مثلا بمثل ليس بينهما فضل». انتهى المقصود مما ذكره الطحاوي -رحمه الله تعالى-.
وفيما ذكره عن الصحابة -رضي الله عنهم- أبلغ رد على كل من قال بجواز ربا الفضل ولا سيما كتاب أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- إلى أمراء الأجناد بالنهي عن بيع الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن وعن بيع الورق بالورق إلا وزنا بوزن وعن بيع الطعام بالطعام إلا كيلا بكيل، ولم يذكر عن أحد من أمراء الأجناد ولا عن غيرهم من الصحابة الذين كانوا معهم- وهم كثيرون جدًا- أنهم خالفوا ما جاء في كتاب أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- فدل ذلك على موافقتهم له.
وكذلك خطبة عمر -رضي الله عنه- على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنهي عن شراء الدينار بالدينارين والدرهم بالدرهمين والقفيز بالقفيزين، والوعيد لمن فعل ذلك بالعقوبة الموجعة في نفسه وماله. ولم يذكر عن أحد من الصحابة أنه أنكر ذلك على عمر -رضي الله عنه- فدل ذلك على موافقتهم له.
وكذلك ما جاء عن علي بن أبي طالب وعمر وابنه عبد الله وفضالة بن عبيد -رضي الله عنهم- من النهي عن المفاضلة في بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة.
فهذه الآثار مع ما تقدم من الأحاديث والآثار في الوجه الثاني تقطع جميع التعلقات التي يتعلق بها الفتان وغيره من المفتونين بتجويز ربا الفضل.
الوجه الرابع: أن يقال: إن الله -تعالى- أمر المؤمنين عند التنازع بالرد إليه وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ........
الصفحة 102
204