كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار

فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}.
قال البغوي: قوله - عز وجل-: " {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ} أي اختلفتم {فِي شَيْءٍ} من أمر دينكم - والتنازع اختلاف الآراء - {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} أي إلى كتاب الله وإلى رسوله ما دام حيًا وبعد وفاته إلى سنته، والرد إلى الكتاب والسنة واجب إن وجد فيهما فإن لم يوجد فسبيله الاجتهاد". انتهى.
وروى ابن جرير عن مجاهد في قوله: {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} قال: " {إلى الله} إلى كتابه، و {إلى الرسول} إلى سنة نبيه"، وروى أيضا عن ميمون بن مهران وقتادة نحو ذلك.
وقال ابن كثير في قوله -تعالى-: {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}: "قال مجاهد وغير واحد من السلف: أي إلى كتاب الله وسنة رسوله، وهذا أمر من الله - عز وجل- بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة كما قال -تعالى-: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} فما حكم به الكتاب والسنة وشهدا له بالصحة فهو الحق، وماذا بعد الحق إلا الضلال، ولهذا قال -تعالى-: {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ} أي ردوا الخصومات والجهالات إلى كتاب الله وسنة رسوله فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ} فدل على أن من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة ولا يرجع إليهما في ذلك فليس مؤمنا بالله ولا باليوم الآخر، وقوله: {ذَلِكَ خَيْرٌ} أي التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله والرجوع إليهما في فصل النزاع خير {وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} أي وأحسن عاقبة ومآلا كما قاله السدي وغير واحد". انتهى.
وإذا علم ما جاء في الآية الكريمة من الأمر برد الآراء المتنازع فيها إلى الكتاب والسنة وعلم ما ذكر في الوجه الثالث من تواتر الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهي عن ربا الفضل، فليعلم أيضا أنه لا قول لأحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكل قول خالف الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مردود على قائله كائنا من كان، ومن رد شيئا من أقوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو عارض أقواله بأقوال غيره فهو على شفا هلكة، وقد قال الله -تعالى-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وقال -تعالى-: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ ...........................

الصفحة 103