كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار
الْعِقَابِ}، وقال -تعالى-: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِينًا}، وقال -تعالى-: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
وفي هذه الآيات مع الآية التي فيها الأمر بالرد إلى الله وإلى رسوله عند التنازع أبلغ رد على اتجاه الفتان الذي لا يحرم إلا ربا الجاهلية وحده، وهذا الاتجاه الباطل مؤسس على أربعة أصول من أصول الشر، أحدها: مخالفة أقوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - المتواترة عنه في النهي عن ربا الفضل، وقد ورد الوعيد الشديد على ذلك في الآية من سورة النور.
الثاني: استحلال ما نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ربا الفضل، وهذا يدل على عدم التقوى عند الفتان وقلة مبالاته بالعقاب الشديد الذي توعد الله به من لم يأخذ بما جاء عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم ينته عما نهي عنه.
الثالث: معصية الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - باستحلال ربا الفضل الذي قد قضى الله بالمنع منه على لسان رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، ومعصية الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - من الضلال المبين كما هو منصوص عليه في الآية من سورة الأحزاب.
الرابع: النفرة عن تحكيم الرسول - صلى الله عليه وسلم - والتسليم لأقواله المتواترة عنه في النهي عن ربا الفضل، وهذا يدل على النفاق وعدم الإيمان كما تدل على ذلك الآية من سورة النساء وهي قوله -تعالى-: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} ثم أقسم -تبارك وتعالى- بنفسه الكريمة المقدسة على نفي الإيمان عمن لم يُحِّكم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الأمور التي يقع فيها التنازع والتشاجر ويرض بحكمه ولا يجد في نفسه حرجا مما قضى به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويسلم له تسليما.
فليتأمل الفتان وأشياعه ما تقدم ذكره من الآيات، ولا يأمنوا أن يكون لهم نصيب وافر مما تضمنته من الوعيد الشديد ونفي الإيمان.
وقد روى عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به» قال النووي في كتاب (الأربعين) له: "حديث صحيح رويناه في كتاب (الحجة) بإسناد صحيح"، ثم قال في الكلام على هذا الحديث: "يعني أن الشخص يجب عليه أن يعرض عمله على الكتاب والسنة ويخالف هواه ويتبع ما جاء به - صلى الله عليه وسلم -، وهذا نظير قوله -تعالى-: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ ..............
الصفحة 104
204