كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار

عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "سيأتي ناس يجادلونكم بشبه القرآن فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله - عز وجل-" رواه الدارمي والآجري في كتاب (الشريعة)، وقال يحيى بن أبي كثير: "السنة قاضية على القرآن وليس القرآن بقاض على السنة" رواه الدارمي. ومعناه أن السنة تفسر القرآن وتبين ما أجمل فيه. والدليل على ذلك قول الله -تعالى-: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}، وقوله -تعالى-: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ}، وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أجمل في آيات الربا أتم البيان فلم يبق بعد بيانه - صلى الله عليه وسلم - شبهة يتعلق بها الفتان من مجمل القرآن، وغاية ما يذهب إليه هو المعارضة بين القرآن والسنة، وذلك واضح في تمسكه بتحريم ربا الجاهلية وزعمه أنه هو الربا المحرم الذي لا شك فيه وأنه هو الربا الذي نزل فيه القرآن، وقد كرر هذه الشبهة في خمسة عشر موضعًا من كتابته المؤسسة على محادة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - واتباع غير سبيل المؤمنين، وهو إلى جانب تمسكه بهذه الشبهة يهون أمر الربا الوارد تحريمه في السنة ويزعم أن ربا الفضل يجوز للحاجة وأن ربا النسيئة يجوز للضرورة، وهذا من الإيمان ببعض الكتاب وعدم الإيمان ببعضه.
فصل
وقال الفتان: "أما ربا الفضل الذي عرَّفه السيد قطب بأنه هو أن يبيع الرجل الشيء من نوعه مع زيادة؛ كبيع الذهب بالذهب والدراهم بالدراهم والقمح بالقمح والشعير بالشعير وهكذا فهو محرم أيضا ولكن تحريم وسائل من باب سد الذرائع لا تحريم مقاصد كما حرم ربا النسيئة، وما حرم سدا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، وقال ابن القيم: والذي يقضي منه العجب مبالغتهم في ربا الفضل أعظم مبالغة، ويؤكد هذا الرأي ما قال به ابن حجر الهيثمي حيث قال: كان الربا يتم بأن يدفع الرجل ماله لغيره إلى أجل على أن يأخذ منه كل شهر مقدارًا معينًا ورأس المال باقٍ بحاله فإذا حلَّ الأجل طالبه برأس ماله فإن تعذر عليه الأداء زاد في الحق والأجل، وروى مثل ذلك أيضا فخر الدين الرازي".
والجواب عن هذا من وجوه؛ أحدها: أن يقال: إنه يجب على كل مؤمن أن يقابل أقوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالقبول والتسليم وأن لا يعارضها بقول أحد من الناس كائنا من .......

الصفحة 113