كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار

الرأسمالية الغربية أن يقصروا التحريم على صورة واحدة من صور الربا - ربا النسيئة - بالاستناد إلى حديث أسامة، وإلى وصف السلف للعمليات الربوية في الجاهلية، وأن يُحلوا دينيا وباسم الإسلام الصور الأخرى المستحدثة التي لا تنطبق في حرفية منها على ربا الجاهلية، ولكن هذه المحاولة لا تزيد على أن تكون ظاهرة من ظواهر الهزيمة الروحية والعقلية، فالإسلام ليس نظام شكليات، إنما هو نظام يقوم على تصور أصيل، فهو حين حرم الربا لم يكن يحرم منه صورة دون صورة، ومن ثم فإن كل عملية ربوية حرام سواء جاءت في الصور التي عرفتها الجاهلية أم استحدثت لها أشكال جديدة". انتهى المقصود من كلامه باختصار.
وقال أيضا في الكلام على قول الله -تعالى-: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}: "وهذا التعقيب هنا قاطع في اعتبار من يصرون على التعامل الربوي بعد تحريمه من الكفار الآثمين، الذين لا يحبهم الله، وما من شك أن الذين يحلون ما حرم الله ينطبق عليهم وصف الكفر ولو قالوا بألسنتهم ألف مرة "لا إله إلا الله، محمد رسول الله" فالإسلام ليس كلمة باللسان، إنما هو نظام حياة ومنهج عمل، وإنكار جزء كإنكار الكل، وليس في حرمة الربا شبهة، وليس في اعتباره حلالا وإقامة الحياة على أساسه إلا الكفر والإثم".
وقال أيضا في الكلام على قول الله -تعالى- في سورة آل عمران: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}: "نقف عند الأضعاف المضاعفة فإن قوما يريدون في هذا الزمان أن يتواروا خلف هذا النص ليقولوا إن المحرم هو الأضعاف المضاعفة، أما الأربعة في المائة والخمسة في المائة والسبعة والتسعة فليست أضعافًا مضاعفة وليست داخلة في نطاق التحريم ... "، قال: "ونبدأ فنحسم القول بأن الأضعاف المضاعفة وصف لواقع وليست شرطا يتعلق به الحكم، والنص الذي في سورة البقرة قاطع في حرمة أصل الربا - بلا تحديد ولا تقييد {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} أيا كان". انتهى، وفي كلامه أبلغ رد على الفتان وعلى أشياعه وسلفه الذين يستحلون الربا بالحيل وتحريف الكلم عن مواضعه.
وأما قول ابن القيم -رحمه الله تعالى-: والذي يقضي منه العجب مبالغتهم في ربا الفضل أعظم مبالغة.
فجوابه: أن يقال: إن الذي يقضي منه العجب في الحقيقة هو ما في كلام ابن القيم ..

الصفحة 116