كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار
الخطابي: "معناه أنه قد وقع في الإثم وهلك كالبعير إذا تردى في بئر فصار ينزع بذنبه ولا يقدر على خلاصه". انتهى، وقد ترجم ابن حبان على هذا الحديث بقوله: "ذكر الزجر عن أن يعين المرء أحدا على ما ليس لله فيه رضى"، وروي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أعان ظالما ليدحض بباطله حقا فقد برئ من ذمة الله وذمة رسوله»، رواه الطبراني وأبو نعيم في الحلية، فليتدبر الذين أيَّدوا أباطيل الفتان بالكتابة والذين أعانوه بالطبع والنشر ما جاء في هذين الحديثين وليعلموا أنهم قد وقعوا في أمر خطير وهو محاربة الله ورسوله والبراءة من ذمة الله وذمة رسوله.
فصل
وقد روي البخاري ومسلم واللفظ له عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- قال: "كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير شر؟ قال: «نعم»، فقلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: «نعم وفيه دخن»، قلت: وما دخنه؟ قال: «قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر»، فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: «نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها»، فقلت: يا رسول الله، صفهم لنا، قال: «نعم، قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا» ... " وذكر تمام الحديث، وفيه عَلَم من أعلام النبوة؛ لأنه قد وقع ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القوم الذين يستنون بغير سنته ويهدون بغير هديه، وهم كثيرون في زماننا وقبله بزمن طويل، وكذلك الدعاة على أبواب جهنم هم أيضا كثيرون في زماننا وقبله بزمن طويل، ومن رزقه الله البصيرة النافذة فإنه يعرفهم من خلال كتاباتهم ومقالاتهم الباطلة التي تنشر في الصحف والكتب التي لا خير فيها، ومنهم الفتان الذي قد لعب الشيطان بعقله وزين له عمله السيئ في تحليل الربا في المعاملات مع أهل البنوك والمصارف فصار بهذا العمل السيئ من الدعاء على أبواب جهنم، فمن أجابه إلى ما دعا إليه من استحلال الربا ومحاربة الله ورسوله قذفه في جهنم، وقد قال -تعالى-: {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا}.
الصفحة 12
204