كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار

بر بصاع بر أو درهم ذهب بدرهم ذهب أو صاع بر بصاع شعير أو أكثر أو درهم ذهب بدرهم فضة أو أكثر لكن تأخر قبض أحدهما عن المجلس. الثالث كبيع صاع بر بصاع بر أو درهم فضة بدرهم فضة لكن مع تأجيل أحدهما ولو إلى لحظة. وزاد المتولي نوعًا رابعًا وهو ربا القرض، لكنه في الحقيقة يرجع إلى ربا الفضل لأنه الذي فيه شرط يجر نفعا للمقترض فكأنه أقرض هذا الشيء بمثله مع زيادة ذلك النفع الذي عاد إليه .. وكل من هذه الأنواع الأربعة حرام بالإجماع وبنص الآيات المذكورة والأحاديث الآتية، وما جاء في الربا من الوعيد شامل للأنواع الأربع ... قال: وربا النسيئة هو الذي كان مشهورًا في الجاهلية لأن الواحد منهم كان يدفع ماله لغيره إلى أجل على أن يأخذ منه كل شهر قدرًا معينًا، ورأس المال باق بحاله، فإذا حل طالبه برأس ماله فإن تعذر عليه الأداء زاد في الحق والأجل، وتسمية هذا نسيئة مع أنه يصدق عليه ربا الفضل أيضا لأن النسيئة هي المقصودة فيه بالذات، وهذا النوع مشهور الآن بين الناس وواقع كثيرًا، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- لا يحرم إلا ربا النسيئة محتجًا بأنه المتعارف بينهم فينصرف النص إليه، لكن صحَّت الأحاديث بتحريم الأنواع الأربعة السابقة من غير مطعن ولا نزاع لأحد فيها، ومن ثم أجمعوا على خلاف قول ابن عباس، على أنه رجع عنه لما قال له أبي (¬1): أشهدت ما لم نشهد أسمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم نسمع؟! ثم روى له الحديث الصريح في تحريم الكل، ثم قال له: لا آواني وإياك ظل بيت ما دمت على هذا فحينئذ رجع ابن عباس، قال محمد بن سيرين: كنا في بيت عكرمة فقال له رجل أما تذكر ونحن ببيت فلان ومعنا ابن عباس فقال: إنما كنت استحللت الصرف برأيي ثم بلغني أنه - صلى الله عليه وسلم - حرمه فاشهدوا أني حرمته وبرئت إلى الله منه". انتهى المقصود من كلام الهيتمي. وفيه أبلغ رد على زعم الفتان أن ما قال به ابن حجر الهيتمي يؤكد رأيه الفاسد في قصر الربا المحرم على ربا النسيئة، وفيه أيضا إظهار ما في كلام الفتان من الافتراء على الهيتمي والتقول عليه بضد ما جاء في كلامه من التصريح بتحريم أنواع الربا وذكر الإجماع على ذلك.
والكذب من أقبح الخلال ومن كبائر الإثم وصفات المنافقين. وقد جاء في ذمه والتحذير منه آيات وأحاديث كثيرة، فمن الآيات قول الله -تعالى-: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ}، وقال -تعالى- متوعدا ..............
¬__________
(¬1) كذا في الزواجر، وصوابه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه.

الصفحة 121