كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار
المنافقين على الكذب: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}، وقال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ}، قال أبو قلابة: "هي والله لكل مفتر إلى يوم القيامة" رواه ابن جرير بإسناد صحيح، ومن الأحاديث ما رواه الإمام أحمد عن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب» وروى البزار وأبو يعلى عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه، قال المنذري: "ورواته رواة الصحيح"، وروى الإمام أحمد عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه قال: "يا أيها الناس إياكم والكذب فإن الكذب مجانب للإيمان"، وفي الصحيحين وغيرهما عن أبن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا» والآيات والأحاديث في ذم الكذب كثيرة جدًا، وفيما ذكرته كفاية -إن شاء الله.
وأما فخر الدين الرازي فإنه قال في تفسيره: "اعلم أن الربا قسمان ربا النسيئة وربا الفضل، أما ربا النسيئة فهو الأمر الذي كان مشهور متعارفا في الجاهلية، وذلك أنهم كانوا يدفعون المال على أن يأخذوا كل شهر قدرا معينا ويكون رأس المال باقيا، ثم إذا حل الدين طالبوا المديون برأس المال فإن تعذر عليه الأداء زادوا في الحق والأجل، فهذا هو الربا الذي كانوا في الجاهلية يتعاملون به، وأما ربا النقد فهو أن يباع من الحنطة بمنوين منها وما أشبه ذلك - ثم ذكر عن ابن عباس أنه كان لا يحرم إلا القسم الأول وأنه رجع عن قوله لما حدثه أبو سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم ربا الفضل ثم قال: وأما جمهور المجتهدين فقد اتفقوا على تحريم الربا في القسمين، أما القسم الأول فبالقرآن، وأما ربا النقد فبالخبر". انتهى المقصود من كلام الرازي وفيه أبلغ رد على الفتان.
الوجه الثالث: أن يقال: أما زعم الفتان أن تحريم ربا الفضل تحريم وسائل من باب سد الذرائع لا تحريم مقاصد وأن ما حرم سدا للذريعة أُبيح للمصلحة الراجحة، فهو مما أخذه من كلام ابن القيم -رحمه الله تعالى-، وقد تقدم الجواب عنه مبسوطًا في أثناء الكتاب فليراجع (¬1).
¬__________
(¬1) ص84 - 92.
الصفحة 122
204