كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار
وقد رواه مالك في الموطأ، والبخاري ومسلم والنسائي من طريق مالك، وفيه أن الرجل قال: يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تفعل، بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا» ورواه الإمام أحمد من حديث قتادة عن سعيد بن المسيب أن أبا سعيد حدثهم أن غلامًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - أتاه ذات يوم بتمر ريان، وكان تمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعلا فيه يبس، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنى لك هذا التمر؟» فقال: هذا صاع اشتريناه بصاعين من تمرنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تفعل فإن هذا لا يصلح ولكن بع تمرك واشتر من أي تمر شئت» وقد رواه النسائي وابن حبان في صحيحه بنحوه.
قال الدارقطني: "جنيب يعني الطيب"، وقال ابن الأثير: "الجنيب نوع جيد معروف من أنواع التمر"، وقال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): "جنيب وزن عظيم"، قال مالك: "هو الكبيس"، وقال الطحاوي: "هو الطيب، وقيل الصلب، وقيل الذي أخرج حشفه ورديئه"، وقال غيرهم: "هو الذي لا يخلط بغيره بخلاف الجمع، قال: والجمع بفتح الجيم وسكون الميم؛ التمر المختلط". انتهى، وقال الدارقطني في سننه: "يقال كل شيء من النخل لا يعرف اسمه فهو جَمع، يقال: ما أكثر الجمع في أرض فلان، بفتح الجيم". انتهى، وقال النووي في (شرح مسلم): "الجمع بفتح الجيم وإسكان الميم وهو تمر رديء، وقد فسره في الرواية الأخيرة بأنه الخلط من التمر ومعناه مجموع من أنواع مختلفة". انتهى، وقال الجوهري: "الجمع الدقل، يقال: ما أكثر الجمع في أرض بني فلان؛ لنخل يخرج من النوى ولا يعرف اسمه"، وقد ذكر ابن منظور في (لسان العرب) نحو هذا عن الأصمعي، وقال ابن الأثير في (النهاية): "كل لون من النخيل لا يعرف اسمه فهو جمع، وقيل: الجمع تمر مختلط من أنواع متفرقة وليس مرغوبا فيه، وما يخلط إلا لرداءته". انتهى، وأما البعل فهو النخل الذي يشرب بعروقه من غير سقي، قاله الأصمعي وغيره من أهل اللغة.
الحديث الرابع والثلاثون: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرزقنا تمرا من تمر الجمع فنستبدل به تمرا هو أطيب منه ونزيد في السعر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يصلح صاع تمر بصاعين، ولا درهم بدرهمين، والدرهم بالدرهم، والدينار بالدينار، ولا فضل بينهما إلا وزنا» رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة، وهذا لفظه وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وجاء في رواية البخاري ومسلم قال: كنا نرزق تمر الجمع وهو الخلط من التمر. وقد رواه
الصفحة 36
204