كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار

النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}، وليحذر أيضا من الدخول في عداد الأشرار الذين هم أضل سبيلا من الأنعام، وهم الذين قال الله فيهم: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}، وليحذر أيضا أشد الحذر أن يكون ممن عناهم الله بقوله: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، وليحذر أيضا من اتباع الهوى فإن الهوى يعمي ويصم ويصد عن الحق والطريق المستقيم، وقد قال الله -تعالى- لنبيه داود -عليه الصلاة والسلام-: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}، وقال -تعالى-: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.
فصل
وقد اشتملت الأحاديث التي تقدم ذكرها على فوائد كثيرة وأمور مهمة تتعلق بالربا والمرابين: الأولى: أن أكل الربا من الكبائر السبع الموبقات - والموبقات هي: المهلكات - كما تقدم بيان ذلك في الكلام على الحديث الأول.
الثانية: أن أكل الربا جاء مقرونًا مع الشرك بالله والسحر وقتل النفس بغير حق، وهذا يدل على شدة تحريمه.
الثالثة: لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه إذا علموا به، قال أهل اللغة: "اللعن هو الطرد والإبعاد من الله"، وقال بعضهم: "هو الطرد والإبعاد من الخير"، ولا منافاة بين القولين؛ لأن من طرده الله وأبعده فقد طرد وأبعد من كل خير.
الرابعة: أن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه سواء في الإثم وفيما يلحقهم من اللعن.
الخامسة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضع ما كان في الجاهلية من الربا وفي هذا دليل على أنه يجب وضع ما كان منه في الإسلام بطريق الأولى.

الصفحة 41