كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار

فصل

في ذكر الإجماع على تحريم الربا
قال النووي في (شرح المهذب): "أجمع المسلمون على تحريم الربا وعلى أنه من الكبائر، وقيل إنه كان محرما في جميع الشرائع وممن حكاه الماوردي". انتهى.
ونقل السبكي في (تكملة شرح المهذب) عن ابن المنذر أنه قال: "أجمع علماء الأمصار؛ مالك بن أنس ومن تبعه من أهل المدينة، وسفيان الثوري ومن وافقه من أهل العراق، والأوزاعي ومن قال بقوله من أهل الشام، والليث بن سعد ومن وافقه من أهل مصر، والشافعي وأصحابه، وأحمد وإسحاق وأبو ثور والنعمان ويعقوب ومحمد على أنه لا يجوز بيع ذهب بذهب ولا فضة بفضة ولا بر ببر ولا شعير بشعير ولا تمر بتمر ولا ملح بملح متفاضلا يدا بيد ولا نسيئة، وأن من فعل ذلك فقد أربى والبيع مفسوخ، قال: وقد روينا هذا القول عن جماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجماعة يكثر عددهم من التابعين".
قال السبكي: "وممن قال بذلك من الصحابة أربعة عشر منهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد وطلحة والزبير، روي مجاهد عنهم - أي الأربعة عشر - أنهم قالوا: الذهب بالذهب والفضة بالفضة وأربوا الفضل، وروى ذلك ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبن فضيل عن ليث - وهو ابن أبي سليم - عن مجاهد، وهؤلاء السبعة من العشرة المشهود لهم بالجنة، وممن صح ذلك عنه أيضا غير هؤلاء السبعة عبد الله بن عمر وأبو الدرداء، وروي عن فضالة بن عبيد، وقد تقدم كلام أبي سعيد وأبي أسيد وعبادة، وقد رويت أحاديث تحريم ربا الفضل من جهة غيرهم من الصحابة، والظاهر أنهم قائلون بها لعدم قبولهم للتأويل". انتهى.
وقال الترمذي بعد ذكره حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- الذي تقدم ذكره - وهو الحديث الرابع عشر -: "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم، إلا ما روي عن ابن عباس أنه كان لا يرى بأسا أن يباع الذهب بالذهب متفاضلا والفضة بالفضة متفاضلا إذا كان يدا بيد، وقال إنما الربا في
النسيئة. وكذلك روي عن بعض أصحابه شيء من هذا، وقد روي عن ابن عباس أنه رجع عن قوله حين حدثه أبو سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والقول الأول أصح، والعمل

الصفحة 45