كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار

"أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن عبد الله بن كنانة أن ابن مسعود صرف فضة بورق في بيت المال، فلما أتى المدينة سأل فقيل إنه لا يصلح إلا مثل بمثل. قال أبو إسحاق: فأخبرني أبو عمرو الشيباني أنه رأي ابن مسعود يطوف بها يردها ويمر على الصيارفة ويقول: لا يصلح الورق بالورق إلا مثل بمثل". وقد رواه البيهقي في سننه من طريق أبي إسحاق - وهو السبيعي - عن سعد بن إياس- وهو أبو عمر والشيباني - قال: "كان عبد الله - يعني ابن مسعود - علي بيت المال وكان يبيع نفاية بيت المال يعطي الكثير ويأخذ القليل حتى قدم فسأل أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: لا تصلح الفضة إلا وزنا بوزن، فلما قدم عبد الله أتى الصيارفة فقال: يا معشر الصيارفة إن الذي كنت أبايعكم لا يحل، لا تحل الفضة بالفضة إلا وزنا بوزن". ورواه الطبراني في الكبير ولفظه قال: "كان عبد الله يرخص في الدرهم بالدرهمين والدينار بالدينارين فخرج إلى المدينة فأتي عمر وعليًا وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنهوه عن ذلك، فلما رجع رأيته يطوف في الصيارفة ويقول: ويلكم يا معشر الناس لا تأكلوا الربا ولا تشتروا الدرهم بالدرهمين ولا الدينار بالدينارين"، قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح".
فصل
وقد تقدم في الحديث الرابع والعشرين أن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها، فقال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: سمعت رسول لله - صلى الله عليه وسلم -: «ينهى عن مثل هذا إلا مثلا بمثل» فقال له معاوية: ما أرى بمثل هذا بأسا، فقال أبو الدرداء: من يعذرني من معاوية، أنا أخبره عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويخبرني عن رأيه، لا أساكنك بأرض أنت بها، ثم قدم أبو الدرداء على عمر بن الخطاب فذكر ذلك له فكتب عمر بن الخطاب إلى معاوية: أن لا تبيع ذلك إلا مثلا بمثل وزنا بوزن. رواه مالك في الموطأ عن عطاء بن يسار، ورواه الشافعي وأحمد والنسائي والبيهقي من طريق مالك.
وروى مسلم والبيهقي عن أبي الأشعث - واسمه شراحيل بن آده الصنعاني - قال: غزونا غزاه وعلى الناس معاوية، فغنمنا غنائم كثيرة، فكان فيما غنمنا آنية من فضة،
فأمر معاوية رجلا أن يبيعها في أعطيات الناس، فتسارع الناس في ذلك، فبلغ
عبادة بن الصامت فقام فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، إلا سواء

الصفحة 52