كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار
البراء وزيد بن أرقم عن الصرف فكلاهما يقول: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الورق بالذهب دينا"، وقال الموفق في (المغنى) وابن أبي عمر في (الشرح الكبير): "قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا ربا إلا في النسيئة» محمول على الجنسين".
وبما ذكره هؤلاء الأئمة في تأويل حديث أسامة وبيان معناه يحصل الجمع بينه وبين حديث أبي سعيد وغيره من الأحاديث الدالة على تحريم ربا الفضل وينتفي عنها التعارض، والله أعلم.
فصل
وقد زعم الفتان في بيانه لموقف الشريعة الإسلامية من المصارف أنه يمكن القول أنه لن تكون هناك قوة إسلامية بدون قوة اقتصادية، ولن تكون هناك قوة اقتصادية بدون بنوك ولن تكون هناك بنوك بلا فوائد.
والجواب عن هذا من وجهين؛ أحدهما: أن يقال: إن الشريعة الإسلامية قد جاءت بتحريم الربا على وجه العموم، وتظافرت الأدلة من الكتاب والسنة على تحريمه وأجمع المسلمون على تحريمه وعلى أنه من الكبائر، وقد ذكرت ذلك مستوفى فيما تقدم فليراجع. فهذا هو موقف الشريعة الإسلامية من الربا في المصارف وغير المصارف.
ومَن قال بخلاف هذا فهو مفتر على الشريعة وقوله مردود عليه ومضروب به عرض الحائط.
الوجه الثاني: أن يقال: إن المقدمات الثلاث التي بني الفتان عليها آراءه الفاسدة كلها أباطيل وشبهات وتلبيس على الذين لا يعرفون مقصوده السيئ من كتابته وأن هدفه الوحيد هو استحلال الربا في البنوك ودعاء الناس إلى استحلاله وعدم المبالاة بما يترتب على ذلك من محاربة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ومخالفة الكتاب والسنة وإجماع المسلمين.
فأما المقدمة الأولى وهي قوله: إنه لن تكون قوة إسلامية بدون قوة اقتصادية فهي من توهماته التي يكذبها الواقع من حال المسلمين في أول هذه الأمة وفي آخرها. فأما الواقع في أول هذه الأمة فهي القوة الإسلامية التي كانت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وزمن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وأول زمان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وقد كانت هذه القوة الإسلامية قوية التأثير؛ لأنها زلزلت المخالفين للإسلام من العرب وغير
الصفحة 55
204