كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار
البنوك أزيلت من جميع البلاد الإسلامية لما كان على المسلمين ضرر من إزالتها ولم تتعطل مصالحهم واقتصادياتهم من أجل إزالتها.
والوجه الثاني: أن يقال: إن كثيرا من المسلمين بل أكثرهم لا يتعاملون مع أهل البنوك بالمعاملات الربوية، ومع هذا فإن مصالحهم واقتصادياتهم كانت متيسرة لكل منهم على حسب ما قسم الله لهم من الرزق، ولو كان الأمر في البنوك على وفق ما زعمه الفتان لما كان يتم لهم شيء من المصالح والاقتصاديات، وبهذا يعلم بطلان ما زعمه الفتان من تشبيه وظيفة البنك بوظيفة القلب.
الوجه الثالث: أن يقال: إن المسلمين قد عاشوا أكثر من ثلاثة عشر قرنًا وهم لا يعرفون البنوك، ومع هذا فإن مصالحهم واقتصادياتهم كانت متيسرة لكل منهم على حسب ما قسم الله لهم من الرزق، ولم يكن في عدم البنوك في زمانهم أدنى شيء من المضرة لهم في مصالحهم واقتصادياتهم، وعلى هذا فهل يقول الفتان إن مصالح المسلمين واقتصادياتهم كانت متعطلة في أكثر من ثلاثة عشر قرنا لعدم البنوك التي تقوم بتسيير النقود في عروق الحياة الاقتصادية عندهم، أم ماذا يجيب به عن هذيانه الذي يتنزه عنه كل عاقل؟!
الوجه الرابع: أن يقال: إن التعامل بالربا مع أهل البنوك شبيه بداء السرطان الذي يفتك بالأبدان ويؤول بها إلى العطب. بل إن التعامل بالربا أعظم ضررًا على المرابين من ضرر السرطان على الأبدان؛ لأن السرطان إذا عظم واشتد فإنما يؤول بصاحبه إلى الموت ولا بد له منه. وفي الموت راحة لكل مؤمن. وأما الربا فإن ضرره على المُصرِّين عليه عظيم جدا، فمنه ما يكون في الدنيا، ومنه ما يكون في البرزخ بين الدنيا والآخرة. ومنه ما يكون في الدار الآخرة، فأما ضرره في الدنيا فمنه ما يتعلق بالدين، ومنه ما يتعلق بالمال، ومنه ما يتعلق بالأبدان، فأما ضرره المتعلق بالدين فبيانه من وجوه؛ أحدها: أنه من الكبائر السبع الموبقات - أي المهلكات - والكبائر لا تغفر إلا بالتوبة منها. الوجه الثاني: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه؛ واللعن هو الطرد من الله ومن الخير. الوجه الثالث: أن الله -تعالى- آذن المرابين بالحرب منه ومن رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وما أعظم الخطر في هذا.
وأما ضرره المتعلق بالمال فإن الله -تعالى- أخبر أنه يمحق الربا. أي يهلكه ويذهب ببركته، وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل».
الصفحة 63
204