كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار

وأبو ثور والنعمان ويعقوب ومحمد، على أنه لا يجوز بيع ذهب بذهب ولا فضة بفضة ولا بر ببر ولا شعير بشعير ولا تمر بتمر ولا ملح بملح متفاضلا يدا بيد ولا نسيئة، وأن من فعل ذلك فقد أربى والبيع مفسوخ، قال وقد روينا هذا القول عن جماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجماعة يكثر عددهم من التابعين".
قال السبكي في (تكملة شرح المهذب): "وممن قال بذلك من الصحابة أربعة عشر؛ منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد وطلحة والزبير - روى مجاهد عنهم - أي الأربعة عشر - أنهم قالوا: الذهب بالذهب والفضة بالفضة وأربوا الفضل، وممن صح ذلك عنه أيضا غير هؤلاء السبعة عبد الله بن عمر وأبو الدرداء. وروي عن فضالة بن عبيد وقد تقدم كلام أبي سعيد وأبي أسيد وعبادة، وقد رويت أحاديث تحريم ربا الفضل من جهة غيرهم من الصحابة، والظاهر أنهم قائلون بها لعدم قبولها للتأويل". انتهى.
وقال ابن عبد البر: "لا أعلم خلافا بين أئمة الأمصار بالحجاز والعراق وسائر الآفاق في أن الدينار لا يجوز بيعه بالدينارين ولا بأكثر منه وزنا ولا الدرهم بالدرهمين ولا بشيء من الزيادة عليه". انتهى المقصود من كلامه.
وإذا علم ما تقدم ذكره عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أكابر علماء الأمصار أنه لا يجوز بيع ذهب بذهب ولا فضة بفضة ولا بر ببر ولا شعير بشعير ولا تمر بتمر ولا ملح بملح متفاضلا يدا بيد ولا نسيئة وأن من فعل ذلك فقد أربى والبيع مفسوخ. وعلم أيضا ما ذكره السبكي عن الأربعة عشر من الصحابة -رضي الله عنهم- ومنه الخلفاء الأربعة أنهم قالوا الذهب بالذهب والفضة بالفضة وأربوا الفضل، وعلم أيضا ما ذكره ابن عبد البر عن أئمة الأمصار بالحجاز والعراق وسائر الآفاق أن الدينار لا يجوز بيعه بالدينارين ولا بأكثر منه وزنا ولا الدراهم بالدرهمين ولا بشيء من الزيادة عليه. فهل يقول الفتان أن من قال بهذه الأقوال من الصحابة والتابعين وأكابر العلماء بعدهم فكلهم موصوفون بالتطرف والتشدد؟! أم ماذا يجيب به عن تهوره في كلامه الذي لم يتثبت فيه ولم يتأمل فيما يترتب عليه من القدح في الصحابة والتابعين وأكابر العلماء بعدهم ورميهم بالتطرف والتشدد من أجل أنهم تمسكوا بأقوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تحريم ربا الفضل وقابلوها بالقبول والتسليم؟!
وقد يقال إن صفة التطرف والتشدد التي أطلقها الفتان على من حرَّم ربا الفضل لذاته قد تتناول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه هو الذي حرم ربا الفضل في الأصناف الستة وغلَّظ ......

الصفحة 78