كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار
عن ابن عباس من إنكاره الربا في التفاضل لما رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا ربا إلا في النسيئة» وإنما صار جمهور الفقهاء إلى أن الربا في هذين النوعين لثبوت ذلك عنه - صلى الله عليه وسلم - ".
وقال أيضا: "أجمع العلماء على أن التفاضل والنسأ مما لا يجوز واحد منهما في الصنف الواحد من الأصناف التي نص عليها في حديث عبادة بن الصامت إلا ما حكي عن ابن عباس، وحديث عبادة هو قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين فمن زاد أو ازداد فقد أربى» فهذا الحديث نص في منع التفاضل في الصنف الواحد من هذه الأعيان. وأما منع النسيئة فيها فثابت من غير ما حديث، أشهرها حديث عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء» فتضمن حديث عبادة منع التفاضل في الصنف الواحد، وتضمن أيضا حديث عبادة منع النسأ في الصنفين من هذه وإباحة التفاضل، وذلك في بعض الروايات الصحيحة، وذلك أن فيها بعد ذكره منع التفاضل في تلك الستة: «وبيعوا الذهب بالورق كيف شئتم يدا بيد والبر بالشعير كيف شئتم يدا بيد» وهذا كله متفق عليه بين الفقهاء إلا البر والشعير". انتهى المقصود من كلام ابن رشد. وفيه كفاية في الرد على الفتان وبيان أنه لم يؤد الأمانة في النقل من كلام ابن رشد؛ لأنه قد اقتصر على نقل الجملة التي يظن أنها تؤيد قوله في تقسيم الربا إلى جلي وخفي. وأعرض عن نقل الجملة التي توضح اتجاه ابن رشد وتدل على أنه لم يكن من الذين يقولون بتقسيم الربا إلى جلي وخفي.
فصل
قال الفتان: "أما ابن القيم فعنده أن ربا النسيئة محرم لذاته تحريم مقاصد، وهو الذي نزل فيه القرآن الكريم وكانت عليه العرب في الجاهلية وهو الربا الذي لا شك فيه كما يقول أحمد بن حنبل. أما ربا الفضل فهو محرم أيضا ولكن تحريم وسائل من باب سد الذرائع لا تحريم مقاصد كما حرم ربا النسيئة".
والجواب: أن يقال: إن الفتان قد نقل بعض كلام ابن القيم في الربا بالمعنى وزاد ....
الصفحة 84
204