كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار

في قوله في ربا النسيئة "وهو الذي نزل فيه القرآن الكريم" وهذه الزيادة ليست من كلام ابن القيم فوضعها في أثناء كلامه ينافي الأمانة. وسأذكر -إن شاء الله تعالى- كلام ابن القيم بلفظه ملخصًا وأنبه على ما ينبغي التنبيه عليه منه.
قال في (إعلام الموقعين): "الربا نوعان جلي وخفي، فالجلي حُرِّم لما فيه من الضرر العظيم، والخفي حرم لأنه ذريعة إلى الجلي، فتحريم الأول قصدًا، وتحريم الثاني وسيلة، فأما الجلي فربا النسيئة وهو الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية مثل أن يؤخر دَيْنه ويزيده في المال وكلما أخره زاد في المال حتى تصير المائة عند آلافًا مؤلفة، وفي الغالب لا يفعل ذلك إلا معدم محتاج - إلى أن قال - وسئل الإمام أحمد عن الربا الذي لا شك فيه فقال: هو أن يكون له دين فيقول له أتقضي أم تربي فإن لم يقضه زاده في المال وزاده هذا في الأجل - ثم ذكر حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما الربا في النسيئة» قال: ومثل هذا يراد به حصر الكمال وأن الربا الكامل إنما هو في النسيئة. قال: وأما ربا الفضل فتحريمه من باب سد الذرائع كما صرح به في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين فإن أخاف عليكم الرَّمَا» والرما هو الربا، فمنعهم من ربا الفضل لما يخافه عليهم من ربا النسيئة". انتهى المقصود من كلام ابن القيم -رحمه الله تعالى- وفيه نظر من أوله إلى آخره.
فأما تقسيمة الربا إلى جلي وخفي وقوله إن الجلي ربا النسيئة - يعني والخفي ربا الفضل فهو تقسيم لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قول أحد من الصحابة، بل الدليل يدل على خلافه وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء» رواه الإمام أحمد ومسلم والنسائي من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. وروى الشافعي وأحمد والدارمي ومسلم وأهل السنن من حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه. وروى الإمام أحمد ومسلم والنسائي من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه، وفيه اختصار في أوله، وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل والفضة بالفضة وزنا بوزن مثلا بمثل فمن زاد أو استزاد فهو ربا» ففي هذه الأحاديث النص على أن من زاد أو استزاد في بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح فقد أربى، وفي رواية مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- فهو ربا، وفي هذا .....................................

الصفحة 85