كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار
إن تحريمه من باب سد الذرائع.
الوجه الثاني: أن يقال: إن الحديث الذي احتج به ابن القيم لقوله في تحريم ربا الفضل إنه من باب سد الذرائع لم يُرو عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، وإنما هو مروي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعا وموقوفا من قوله ومن قول أبيه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فأما المرفوع فقد رواه الإمام أحمد من طريق أبي جناب عن أبيه عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين ولا الصاع بالصاعين فإني أخاف عليكم الرماء والرماء هو الربا» إسناده ضعيف جدا لأنه من رواية أبي جناب الكلبي عن أبيه - واسم أبي جناب يحيي بن أبي حية. واسم أبي حية حي - وقد تكلم الأئمة في أبي جناب وفي أبيه، قال علي بن المديني: "كان يحيى بن سعيد يتكلم في أبي جناب وفي أبيه"، وقد ضعَّف أبا جناب كثيرٌ من الأئمة منهم يحيي القطان وابن سعد وعثمان الدارمي والعجلي والجوزجاني ويعقوب بن سفيان وأبو عمار والدارقطني، وقال عمرو بن علي الفلاس:" متروك الحديث"، وقال أحمد: "أحاديثه مناكير"، وقال النسائي: "ليس بالثقة يدلس"، وقال الساجي: "صدوق منكر الحديث"، وقال ابن حبان في كتاب (المجروحين): "كان ممن يدلس على الثقات ما سمع من الضعفاء فالتزقت به المناكير التي يرويها عن المشاهير فوهَّاه يحيي بن سعيد القطان وحمل عليه أحمد بن حنبل حملا شديدًا"، ثم ذكر ابن حبان عن يحيى بن معين أنه قال: "أبو جناب ليس بشيء"، وعنه أيضا أنه قال: "ضعيف ضعيف"، وقال ابن حجر في (تقريب التهذيب): "ضعَّفوه لكثرة تدليسه". وأما أبوه حي فقد تقدم عن يحيي بن سعيد أنه كان يتكلم فيه، واختلف قول الحافظ ابن حجر فيه فقال في موضع من (تقريب التهذيب): "إنه مقبول"، وقال في موضع آخر منه: "إنه مجهول".
ومما ذكرته من كلام العلماء في أبي جناب الكلبي يعلم أن حديثه لا يصلح للاستشهاد به فضلا عن الاحتجاج به.
وأما الموقوف على ابن عمر -رضي الله عنهما- فقد رواه الإمام أحمد عن إسماعيل بن إبراهيم- يعني ابن علية- حدثنا أيوب عن نافع قال: قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: «لا تبيعوا الذهب بالذهب والورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا شيئا غائبا منها بناجز فإني أخاف عليكم الرماء والرما الربا» قال: فحدَّث .............
الصفحة 89
204