كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار
رجل ابن عمر هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري يحدثه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما تم مقالته حتى دخل به علي أبي سعيد وأنا معه فقال إن هذا حدثني عنك حديثا يزعم أنك تحدثه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفسمعته فقال: بصر عيني وسمع أذني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا شيئا غائبا منها بناجز» إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد رواه البيهقي في سننه من طريق جرير بن حازم قال: سمعت نافعا يقول: كان ابن عمر يحدث عن عمر -رضي الله عنه- في الصرف ولم يسمع فيه من النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا قال: قال عمر -رضي الله عنه-: «لا تبايعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق إلا مثلا بمثل سواء بسواء ولا تشفوا بعضه على بعض إني أخاف عليكم الرماء» قال: قلت لنافع: وما الرماء؟ قال: الربا، قال: فحدثه رجل من الأنصار عن أبي سعيد الخدري حديثا قال نافع فأخذ بيد الأنصاري وأنا معهما حتى دخلنا على أبي سعيد الخدري فقال: يا أبا سعيد هذا حدث عنك حديث كذا وكذا قال: ما هو؟ فذكره قال: نعم سمع أذناي وبصر عيني قالها ثلاث فأشار بإصبعه حيال عينيه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: «لا تبايعوا الذهب بالذهب ولا تبايعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل سواء بسواء ولا تبيعوا شيئا منها غائبا بناجز ولا تشفوا بعضه على بعض».
وقد علم من رواية البيهقي أن الموقوف ليس هو من قول ابن عمر -رضي الله عنهما- وإنما رواه عن أبيه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وسيأتي ذلك فيما رواه مالك في الموطأ، وقد تبين من سياق هذا الحديث أن ابن القيم -رحمه الله تعالى- قد وهم في الحديث فجعل الموقوف منه على ابن عمر وعلي أبيه عمر مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وجعله من حديث أبي سعيد الخدري، وحديث أبي سعيد ليس فيه قوله: «فإني أخاف عليكم الرماء، والرماء الربا» وإنما ذلك في الموقوف على ابن عمر -رضي الله عنهما- وعلى أبيه عمر -رضي الله عنه-.
وأما الموقوف على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقد رواه مالك في الموطأ بإسنادين صحيحين أحدهما: عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالذهب أحدهما غائب والآخر ناجز، وإن استنظرك إلى أن يلج بيته فلا تنظره إني أخاف عليكم الرماء، والرماء هو الربا».
الصفحة 90
204