كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار
الإسناد الثاني: رواه مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا شيئا منها غائبا بناجز، وإن استنظرك إلى أن يلج بيته فلا تنظره إني أخاف عليكم الرماء، والرماء هو الربا».
وقد تبين من روايتي مالك أن ابن عمر -رضي الله عنها- قد اختصر الموقوف الذي جاء في رواية أحمد والبيهقي فلم يذكر قوله في آخره: «وإن استنظرك إلى أن يلج بيته فلا تنظره إني أخاف عليكم الرماء، والرماء هو الربا».
قال ابن الأثير في (النهاية في غريب الحديث): "الرماء بالفتح والمد الزيادة على ما يحل، ويروي الإرماء، يقال أرمي على الشيء إرماء إذا زاد عليه كما يقال أربى". انتهى.
وتفسير الرماء بالربا يحتمل أن يكون من كلام نافع؛ لأن في رواية جرير بن حازم عند البيهقي قلت لنافع وما الرماء؟ قال: الربا، ويحتمل أن يكون من كلام ابن عمر -رضي الله عنهما-؛ لأن مالكا رواه من طريق نافع عن ابن عمر ومن طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر وفي كل من الروايتين تفسير الرماء بالربا، ويحتمل أن يكون من كلام عمر -رضي الله عنه-، والله أعلم.
الوجه الثالث: أن يقال: قد جاء في روايتي مالك في الموطأ جملة ليست في رواية أحمد ولا في رواية البيهقي وهي قوله: «وإن استنظرك إلى أن يلج بيته فلا تنظره إني أخاف عليكم الرماء» وفي هذه الجملة فائدة جليلة: وهي: أن الذي خافه عمر -رضي الله عنه- عليهم من الرماء هو ما يكون بسبب التفرق اليسير بين المتبايعين بقدر ما يلج أحدهما بيته فيكون البيع حينئذ من بيع الغائب بناجز وهو من ربا النسيئة، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في بيع الذهب بالذهب والورق بالورق: «لا تبيعوا منها غائبا بناجز» متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، وفي رواية لمسلم: «ولا تبيعوا شيئا غائبا منه بناجز إلا يدا بيد» وفي هذا الحديث الصحيح وقول عمر -رضي الله عنه-: «وإن استنظرك إلى أن يلج بيته فلا تنظره إني أخاف عليكم الرماء» دليل على أن المراد في هذا ربا النسيئة وهو بيع الغائب من الذهب والورق بالناجز - أي الحاضر - وهذا هو الرماء الذي خافه عليهم عمر -رضي الله عنه-. وقد جاء ذلك ..............................
الصفحة 91
204