كتاب الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار

وأن ربا الفضل يجوز للحاجة، وهذه الزلة العظيمة هي حاصل نتيجة السوء التي استنتجها بعقله الفاسد وزعم أنها نتيجة هامة، وهي في الحقيقة هامة من الهوام المهلكة للدين؛ لأن استحلال الربا ودعاء الناس إلى استحلاله يفتك بالدين أعظم مما تفتك الهوام الأرضية بالأبدان.
وقد قال الجوهري: "الهامة واحدة الهوام ولا يقع هذا الإسم إلا على المخوف من الأحناش"، وقال ابن الأثير: "الهامة كل ذات سم يقتل"، وذكر ابن منظور في (لسان العرب) عن شمر أنه قال: "الهوام الحيات وكل ذي سم يقتل". انتهى.
وإذا علم ما قاله أهل اللغة في تعريف الهامة وأنها الأفاعي والأحناش التي تقتل بسمها فليعلم أيضا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نصَّ على أن أكل الربا من الموبقات - أي المهلكات - وما كان بهذه الصفة فهو هامة من الهوام التي تفتك بالدين ولا شك أن ضرر الربا على الدين أعظم من ضرر السم القاتل على الأبدان؛ لأن الأبدان إذا أصيبت بسم الأحناش والأفاعي فمآلها في الغالب إلى الموت، والموت لابد منه لكل مخلوق، وقد يكون فيه راحة للميت إذا كان من أولياء الله، وأما أكل الربا فإنه يؤول بأصحابه إلى الهلاك الديني وإلى الشر العظيم في الدنيا وفي البرزخ وفي الدار الآخرة، وبيان ذلك من وجوه: أحدهما: أنه من الكبائر السبع الموبقات - أي المهلكات - الثاني: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه، واللعن هو الطرد والإبعاد من الله ومن الخير. الثالث: أن الله -تعالى- قد آذن المرابين بالحرب منه ومن رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وما أشد الخطر في هذا. الرابع: أن كثيرًا من العلماء قد صرحوا بتكفير من استحل الربا ولم يفرقوا بين وجود الضرورة والحاجة وعدم وجودهما. الخامس: ما رواه ابن جرير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: «من كان مقيما على الربا لا ينزع عنه فحق على إمام المسلمين أن يستتيبه فإن نزع وإلا ضرب عنقه» وإذا كان هذا قول ابن عباس -رضي الله عنهما- فيمن كان مقيما على الربا فكيف بمن يستحله بالشبهات ويدعو الناس إلى استحلاله، فهذا أولى أن يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه. السادس: أن المرابين يعذبون في البرزخ بالسباحة في النهر الأحمر الذي هو مثل الدم أو هو من الدم ويلقمون الحجارة. السابع: ما روي من حديث أبي هريرة مرفوعًا أن المرابين تكون بطونهم في البرزخ كالبيوت الضخمة فيها الحيات ترى من خارج بطونهم. الثامن: ما روي من حديث أبي سعيد مرفوعا أن المرابين يصفدون في البرزخ وينضدون على سابلة آل فرعون فيتوطؤهم آل فرعون غدوا وعشيًا.

الصفحة 93