كتاب إعراب القراءات السبع وعللها ط العلمية
وقرأ أَبُو عَمْرٍو وابنُ عامرٍ: «خضرٌ» بالرفع» و «إستبرقٍ» بالخفض عَلَى تقديرِ: ثيابُ سُندسٍ وثيابُ استبرقٍ والحجَّة فِيْ ذَلِكَ: أن اللَّه قَالَ: {ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} وكذلك هَذَا مثل ذَلِكَ.
وقرأ حمزةُ والكِسَائِيُّ بالخَفْضِ كليهما.
وفي «إستبرق» قراءةٌ ثالثةٌ: قَرَأَ ابْنُ محيصن «خضر» و «إستبرق» بفتح القاف، ويصل بالَألف يجعله استفعل من البريق.
وقال آخرون: بل قَرَأَ «وإستبرقَ» بقطع الألف وفتح القاف جعله اسمًا أعجميًا لم يصرفه، والاختيار الصرف وإن كَانَ أعجميًا؛ لأنَّ الأعجمي إِذَا حسنت الألف واللام فِيهِ صُرف نحو: راقودٌ وجاموسٌ وآجرٌ، لأنَّه يصلح أن تَقُولُ: الرَّاقود والجاموس والإِستبراق.
قَالَ الفَرَّاءُ: وجمعُ إستبرق سَبَارق وعبارق وأبارق.
وقولُه تَعَالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله}.
اتَّفق القُراء عَلَى رفعه إنَّما ذكرتُه لأنَّ عباسًا روى عنْ أَبِي عَمْرو «إنَّما نطعمْكُم» بجزمِ الميمِ كأنَّه اختَلس الحركةَ تخفيفًا كما خبَّرتُكَ فِيْ «يَأْمُرْكُمْ» و «ينصركم» لئلا تتوالى الحركات. وهذه الآية نزلت فِيْ أهل بيتِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكذلك أكثر هذه السورة.
وقوله تعالى: {وما تشاؤن إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ}.
قَرَأَ ابنُ عامرٍ وابنُ كثيرٍ وأبو عَمْرٍو بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء خطاب عنْ غيبٍ. وَقَدْ ذكرته فِيْ غير موضع.
{يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ} فِيْ موضعِ نصبٍ بتقديرِ فعلٍ قبله، ومعناه وعذَّب الظالمين أعدّ لهم، ولو رفع الظالمين يجعله ابتداءً وخبرًا كَانَ صوابًا بإجماع النَّحويين، كما قَالَ تَعَالى: {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} وفي حرفِ ابْنُ مَسْعُود: «يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ في رحمته وللظالمين أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا» فكرَّر اللام فِيْ قولُه: «وللظَّالِمِيْنَ» كما قَالَ الشَّاعِر:
أقولُ لَها إِذَا سَأَلَتْ طَلَاقًا ... إِلَاْمَ تُسَاْرِعِيْنَ إلى طَلَاْقِ
فكرَّرَ الجر مرتين.
الصفحة 480