كتاب إعراب القراءات السبع وعللها ط العلمية

قَرَأَ ابنُ كثيرٍ ونافعٌ بتشديد الصَّادِ والدّالِ، أراد: تتصدى فأدغما.
وقرأ الباقون «تًصَدَّى» بتخفيِف الصَّادِ، لأنَّهم حَذَفُواْ تاءً مثل قَوله تذكرون، وتذكرون. ومعنى {فَأَنْتَ لَهُ تَصَدّى} أي: تعرض. ومعنى {فَأنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى} أي: تغافل.
وقرأ ابنُ كثيرٍ بتشديد التاءِ، أراد: تَتَلَهَّى فأدغم.
وقولُه تَعَالى: {أنَّا صَبَبْنَا المَاءَ صَبًّا}.
قَرَأَ أهل الكوفة: «أَنَّا» بفتح الهمزة، فيكون موضعه جرًّا، {فلينظر الإنسان إلى طعامه أنَّا صَبَبْنَا الماءَ صبًّا}.
وقال آخرون: موضعه نصبٌ، لأن الأصل: بأنا ولأنا، فلما سقط‍ الخافض نصب بتلخيص: «فلينظر ... أَنَا صببنا».
وقرأ بعضهم: «أنَّى صَبَبْنَا» بمعنى كيف صببنا، كما قَالَ تَعَالى {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا، } {فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا} يعني البُرُّ، و {قَضْبًا} يعني القَتّ، و {حَدَائِقَ غُلْبًا} الحَدائِقُ: البَساتِين: غُلْبًا: جمعُ غَلباء، وهي ذاتُ الشَّجرِ المُلْتَفِّ، و {فَاكِهَةً وأَبًّا} سَمِعْتُ ابْنُ دُرَيْدٍ يَقُولُ الَأبُّ المَرْعَى، وأنشدَ:
جَدُّنا قَيْسٌ ونَجْدٌ دَارُنَا ... وَلَنَا الَأبُّ بِهِ والمَكْرَعُ
وأَنشدَ ابنُ عَرفة لشاعرٍ يمدحُ النَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلام:
لَهُ دَعْوَةٌ مَيْمُوْنَةٌ رِيْحُهَاْ الصَّبَا ... بَهَا يُنْبِتُ اللهُ الحَصِيَدَةَ والَأبَّا
قَالَ ابنُ دُرَيْدٍ أَبَّ الرُّجُلُ: إِذَا نَزَعَ إلى وطنه. وأبَّ الرَّجُلُ: إذَا رد يده إلى سيفه ليسله.

الصفحة 491