كتاب إعراب القراءات السبع وعللها ط العلمية
ومن سورة البروج
أقسم اللَّه تَعَالى بالسَّماء ذات البروج، وهي النُّجوم، كما قَالَ: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا}، {واليَوم المَوعُود}: يومُ القيامة الَّذِي وعد اللَّه أولياءه الجنة وأعد لأعدائه النار {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} قيل النَّحر والفِطر والجُمعة. وقيل: الشَّاهد يومُ عرفةَ، وهو أجلُّ الأعياد الَّذِي أنزل اللَّه تَعَالى فِيهِ. {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا} والمشهود: يوم القِيامة. هَذَا قول الحسن بن علي رضي الله عنه، وشاهده: {ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ}.
وقولُه تَعَالى: {ذُوْ العَرْشِ المَجِيْدِ}.
قرأ حمزة والكسائي بالخفض جعلاه نعتا للعرش أي ذو العرش الرَّفيع.
وقرأ الباقون بالرَّفعِ نعتًا ل «ذو» وهو اللَّه تَعَالى وهو أحقَّ بأن يُوصف بالمجادة والمَجد حيثُ وَصَفَ نفسه فِيْ قولِهِ: {إنَّه حَمِيدٌ مَجِيدٌ}، والمَجيد - أيضًا -:
المُصحف قَالَتْ عَائِشَة لبريرة ائتيني بالمَجيد أي: المُصحف.
وما خَلَقَ اللَّه تَعَالى أعظم من العَرش؛ لأنَّ السَّماوات والَأرضين تحتَ العَرش كالحَلَقَةِ فِيْ أرضٍ فلاةٍ وقال المُفسرون: {ذو العرش المَجِيْدُ} أي: الجَواد الكريم {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} لأن المخلوق يفرق العبد من سيده، والسيد من أميره، والأمير من مالكه، والملك من اللَّه فليس فوقه أحد فهو فعال لما يشاء.
والعرش: سرير الملك أيضًا خاصة. والعرش أيضًا: عرش القدم وهو ظاهره.
فأمَّأ قوله في هذه السورة: {بل هو قرآن مَجِيْدٌ} جماعٌ إلا ما حَدَّثَنِي ابنُ مجاهدٍ، عنْ أَحْمَد بْن إِسْحَاق، عنْ أَبِيهِ، عنْ محبوب، عنْ إِسْمَاعِيل أنَّ اليماني مُحَمَّد بْن السميع قَرَأَ: «بَلْ هُوَ قُرْءَانٌ مَجِيْدٍ» مضافًا. وتقديره عندي: بل هُوَ قرآن ربّ مجيدٍ، فنابت الصفة عنْ الموصوف كما قَالَ:
غَفُورُ، وَلَكِنَّ الغِنَى رَبٌّ غَفُوُرِ.
عَلَى تقدير: ولكنَّ الغنى غِنَى ربِّ غفورٍ.
وقولُه تَعَالى: {فِيْ لَوْحٍ مَحْفُوْظٍ}.
قَرَأَ نافعٌ وحده: «مَحفوظٌ» بالرَّفعِ جعله نعتًا للقرآن، بل هُوَ قرآن محفوظٌ فِيْ
الصفحة 503