كتاب إعراب القراءات السبع وعللها ط العلمية

وقرأ الباقون بالتَّاء، وهو الاختيار، لأنَّ فِيْ حرف أَبِي بكرٍ «أَنْتُمْ تُؤْثِرُونَ الحَيَاةَ» فهذا يُؤكد الخِطاب، ولم يَقل: بل هُم يؤثرون.
وكان حمزةُ والكِسَائِيّ يدغمان اللَّام فِيْ التَّاء: «بلْ تُّؤثِرُون» لقرب اللَّام من التاء.
والباقون يُظهرون؛ لأنَّهما من كَلِمَتَين.
وعظمهم اللَّه حيث أقبلوا عَلَى مشهد ما يستوخمون مغبته، ورغبهم فِيْ الحَياة الباقية. فَقَالَ: {والآخِرَةُ خَيرٌ وَأَبْقَى} ثُمَّ أكَّد ذَلِكَ فَقَالَ: {إنَ هَذَا} الَّذِي قصصت عليكم أحسن القصص {لَفِي الصُّحُفِ الُأوْلَى}، ثُمَّ بيَّن فَقَالَ: {صُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} فصحف مُوسَى: التَّوراة، وصحف إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلام رُفعت، والنصارى عليهم لعائن الله لا يقرون بنبوة إِبْرَاهِيم. وقالوا: كَانَ رجلًا صالحًا، قَالُوا:
لأنَّ النَّبِيّ عندنا مَنْ لَهُ كتابٌ. والقُراء جميعا يقرءون {لَفِي الصُّحُفِ} بضمتين إلا ابْنُ عَبَّاس. فإنه قَرَأَ: «صُحْفِ إبْرَاهِيْمَ» خفيفًا، وكذلك روى وهيب، عنْ هارون، عنْ أَبِي عَمْرٍو «صُحْف إِبْرَاهِيْمَ» وهذه كلُّها من الشُّواذ، والاختيار فِيْ قراءتهم جميعا «الصحف» وإبراهيم فيه لغة أخرى إبراهيم بغيرِ ألفٍ، وأنشد:
نَحْنُ آلُ اللهِ فِيْ بلدته ... لم يزل ذلك على عهد إبراهيم

الصفحة 509