كتاب إعراب القراءات السبع وعللها ط العلمية
ومن سورة التين
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه: اختلف النَّاس فِيْ تفسير هَذِهِ السُّورة وأقسام الله تعالى بها فَقَالَ قائلون هُوَ تينكم هَذَا، وزيتونكم هَذَا.
وقال آخرون: التَّينُ: جَبَلٌ ينُبت التِّين، والزَّيتون: جَبَلٌ ينبت الزَّيتون.
وقال آخرون: هما جبلان بالشَّامِ.
وقال آخرون: مدينتان بالشَّامِ، دمشق وفلسطين.
وقيل فِيْ قولُه: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قرار}، قَالَ: دمشق.
وحدَّثني أَحْمَد بْن الْعَبَّاس، عنْ مُحَمَّد بْن هارون بْن يَحيى بْن زياد فِيْ قولُه تَعَالى:
{والتَّيْنِ وَالْزَّيْتُوْنَ} قال: هِيَ جبالُ ما بين حُلوان وهَمَذَان.
فأقسم اللَّه بهما، والاختيار أن يكون الِإقسام يقع عَلَى اسمه تَعَالى، والتقدير: ورب التّين والزَّيتون. {وطور سينين}: وهو الجبل الَّذِي كلَّم اللَّه عَلَيْهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلام وسينين: وهو الْحَسَن، وكلُّ حسن عندهم سينين.
وقال آخرون: كلُّ جبلٍ مُثْمِرٍ يُقال لَهُ سينين.
واجتمع القُراء السَّبعة عَلَى كسر السِّين من «سِينين» وكان أَبُو عَمْرو يحتج بأن سينين وسيناء واحدٌ، وإنما زادوا النون لرءوس الآي.
وقرأ: «وَطُورِ سَيْنِيْن» عَبْد اللَّه بْن أَبِي إِسْحَاق، وعيسى الثَّقفي.
وفيها قراءةٌ ثالثةٌ: «وطُوْرِ سينآ وهذا البَلَدِ الَأمِيْنِ» يؤثر ذَلِكَ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه {لقد خلقنا الإنسان} جواب القسم، والإنسان - هاهنا - مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلام، وقيل: آدم عَلَيْهِ السَّلام، وقيل: كلُّ إنسانٍ لأنَّ اللَّه تَعَالى خَلَقَ الجماد والحيوان من طائر وبهيمة فأحسن ما خَلَقَ الْإِنْسَان فِيْ أحسن صورة {ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سَافِلِيْنَ} قيل: الكفار، وقيل: أَبُو جهل بْن هشام وقيل: كلُّ إنسانٍ إِذَا هرم وشاخ فقد رد إلى أرذل العُمر، وهو تفسير أسفل سافلين، وَيُقَال: كلُّ مسلمٍ وإن رد إلى أرذل العمر فنقص عمله من أعمال البر كُتب لَهُ ذَلِكَ مثل ما كَانَ يعمل فِيْ شبيبته؛ لأنَّه أسير اللَّه فِيْ أرضه، فلذلك استثنى، فَقَالَ: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ}
الصفحة 529