كتاب إعراب القراءات السبع وعللها ط العلمية

ومن سورة الِإخلاص
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه: «الصَّمَدُ» فِيْ اللُّغة: الَّذِي قَدْ انتهى سؤدده، والصَّمَدُ: الَّذِي لا جوفَ لَهُ، والصَّمَدُ: الَّذِي لا يُطعم، والصَّمَدُ: الباقي بعد فناء خَلقه.
فإن سألَ سائلٌ لم ثنيت «قلُ» فِيْ أوائل هَذِهِ السُّور وفي أوامر اللَّه تَعَالى: وأنت إِذَا قلت لآخر: قُل لا إله إلا اللَّه أجابك، فَقَالَ: لا إله إلا اللَّه، ولم يقل: قل لا إله إلا اللَّه؟
فالجوابُ: أن اللَّه تَعَالى أَنزلَ القرآن عَلَى لسان مُحَمَّد بلسان الرُّوح الأمين صلى اللَّه عليهما، فمعناه لي جبريل: «قُلْ هُوَ اللَّه أَحَدٌ» فحكى النَّبِيّ صلى اللَّه عَلَيْهِ ما أُلقي إِلَيْه.
وأخبرني ابْنُ دُريدٍ، عنْ أَبِي حاتِمٍ، عنْ أبي عبيدة، قال: يقال لي «قل هو الله أحد»، و «قل يا أيها الكافرون»: المقشقشتان ومعناهما المُبريتان من الكُفر، والنَّفاق، كما يقشقش الهناء الجرب.
وَقَدْ حَدَّثَنِي أَبُو عُمَر، عنْ ثَعلب، عنْ ابْنُ الَأعرابي، قَالَ: قُلتُ لأعرابي: أَتقرأ من القُرآن شيئًا، قَالَ: نَعم أقرأ القلاقل: «قُل هَوَ اللَّه أَحَدٌ» و «قُل أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ» و «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ».
وحدَّثني أَبُو عَبْد اللَّه الكاتب، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عُبَيْدٍ، عنْ الأصمعي، قَالَ:
حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن مروان، عنْ سَعِيد بْن سمرة بْن جندب، قَالَ: لقيتُ أعرابيَّة فأعجبتني فصاحتها، وظُرفها، وعَقلها، فقلت: إني لأنفس بمثلك أن تكون لي هذه الفصاحة، والظرف، والعقل ولا تحسي من كتاب اللَّه شيئًا، قَالَتْ: وما عِلْمُكَ بذلك، بلى ها الله إني لأقرأه ثُمَّ ألوكه لوك العلج. قلت: فاقرئي. فقرأت: {والشَّمسِ وضُحَاها} قراءةً حسنة حَتَّى بلغت {فألهمها فجورها وتقواها} قَالَتْ: حِلفة بَلَغَت مَداها لا يَدخل الجنّة ولا يَرَاها إلا من نَهى النَّفسَ عنْ هَواها.
وحدَّثني أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنِي الَأصمعي، عنْ سعيدِ بْن عثمان، قَالَ: قلت لأعرابي من بني عُقَيْلٍ: هَلْ تُحسن من كتاب اللَّه شيئًا، قَالَ: كيف لا أُحسن، وعلينا أَنزل الله، قَالَ: قلتُ: فأقرأ، فافتتح وقرأ {والضُّحَى} قراءةً حسنةً حَتَّى

الصفحة 552