كتاب إعراب القراءات السبع وعللها ط العلمية

بلغ {وَلَسَوْفَ يُعْطِيْكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيْمًا فَآوَى} التفتَ إلى صاحبه، فَقَالَ: إن هَؤُلَاءِ العُلُوج يقولون: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} ولا والله لا أقولها.
وقولُه تَعَالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.
كَانَ ابنُ مُجاهدٍ إِذَا قَرَأَ لأبي عَمْرو فِيْ الصَّلاة وقفَ عَلَى أَحَدٍ وقفةً خفيفةً، ويَقطع ألف الوَصل فيقول: «قُلْ هُوَ اللَّه أحَدْ أللهُ الصَّمَدُ»، ويُحكى ذَلِكَ عنْ أَبِي عُمَر أَنَّهُ كَانَ يختاره، ويقول: إن العرب لا تكاد تَصِلُ مثل هَذَا.
وَقَدْ روى عنْ أَبِي عَمْرو وغيره «أَحَدُ اللَّه» بترك التنوين؛ لأن التَّنوين والنُّون السَّاكنة الخفيفة تُضارعان اللام لتقارب مخرجيهما فيزولان عند اللام الساكنة، والَأكثر أن تُكسرَ لالتقاءِ السَّاكنين، فتقول: رأيتُ جعفرِ الظريف، «وَلَكِنِ الشَّياطِينَ»، و «لَكِنِ الرّاسِخُونَ» وأمَّا من حذف فنحو قولِ الشَّاعِر، - أَنشد سيبويه -:
فَلَسْتُ بِآتيْهِ وَلَا أسْتَطِيْعُهُ ... وَلَكِ اسْقِنِي إنْ كانَ مَاؤُكَ ذَا فَضْلِ
أراد: ولكن، فَحَذَفَ النُّون.
وقال آخر في حذف التنوين:
أمي خِنْدَفُ وإِلْيَاسَ أَبِي ... حَيْدَةُ خَالِي ولَقيطٌ‍ وعَلِي
وَحَاتِمُ الطَّائِيُّ وهَّابُ المِئِي
وقال أخر:
لَتَجِدَنّي بالسُّيُوفِ بَرَّا ... وبالقَنَاةِ مدعسا مكَرَّا
إِذَا غُطَيْفُ السلمي فرا
أراد: غطيف، فَحَذَفَ التنوين.
وقرأ الباقون: «أَحَدٌ اللهُ» بالتنوين، وكسروا لالتقاء الساكنين.
وقرأ تعالى: «ولم يولد وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ.»
قَرَأَ حمزة: «كفْوًا» بسكون الفاء.
وقرأ الباقون: «كُفُؤًا» بضم الفاء والهمزة إلا حفصًا، عنْ عاصم فإنه كَانَ لا يهمز، والعربُ تَقُولُ: ليس لفلان كُفوٌ ولا مِثلٌ ولا مَثيلٌ ولا بلمه ولا نظيرٌ. والله تَعَالى لا كفءَ لَهُ، ولا كفَّ لَهُ ولا كفى لَهُ، ولا كفاء لَهُ، كلُّ هَذِهِ لغاتٌ بمعنى لا مثل له

الصفحة 553