كتاب الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية

الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ (٢٤٦) [البقرة: ٢٤٦] عام خص بالاستثناء المذكور.
وزعمت الشيعة أن هذه الآية مثل ضربه الله-عز وجل-لأصحاب محمد عليه الصلاة والسّلام، وأن بني إسرائيل كما تولوا عن ملكهم الذي هو منصوب نبيهم إلا قليلا منهم، كذلك أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلم تولوا عن إمامهم الذي هو منصوب نبيهم إلا قليلا منهم، وليس ما ذكروه بنص فيما ادعوه ولا ظاهر.

قال: {وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللهَ اِصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ} (٢٤٧) [البقرة: ٢٤٧].
احتجت الشيعة به على أن عليا هو الإمام بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم وتقريره: / [٢٩ أ/م] أن بني إسرائيل لما عين لهم طالوت ملكا امتنعوا من تمليكه عليهم، معللين بفقره وخمول نسبه فقالوا: {أَنّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ} [البقرة: ٢٤٧] فأجابهم نبيهم بقوله: {إِنَّ اللهَ اِصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} [البقرة: ٢٤٧].
وجعل هذه الصفات سببا لاستحقاق التقدم عليهم قالوا: وهذه الصفات الثلاث كانت/ [٥٩/ل] لعلي دون أبي بكر، أما الاصطفاء فلأن النبي صلّى الله عليه وسلّم اصطفى عليا بالنص عليه يوم الغدير حيث قال للناس: «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم» قالوا بلى، قال:
«فمن كنت مولاه فعلي مولاه» (١).
قالوا: وهذا بعد كل اعتراض وبعد كل سؤال وجواب قاطع في استخلاف علي عليهم، ويدل عليه حديث عمران بن حصين أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي» رواه أحمد في مسنده بإسناد صحيح، وروى أحمد أيضا في

الصفحة 100